• الأحد , 24 نوفمبر 2024

عبدالعزيز التمو للقدس العربي نحن لدينا ثقة كاملة بحليفنا التركي بتحقيق العدالة ومحاكمة المجرمين

الشرق الاوسط

سيطرت هيئة «تحرير الشام» على كامل مدينة جنديرس، بعد أن اقتحم رتل مكون من آليات عسكرية ومصفحات ورشاشات البلدة دون أن يعترضه أي فصيل من الجيش الوطني المنتشر داخلها.

يستمر الغليان والتضامن الشعبي مع الأكراد السوريين في منطقة جنديرس عقب مقتل أربعة مدنيين برصاص مجموعة من أبناء منطقة خشام في دير الزور، مقربين من «جيش الشرقية» أحد أبرز الفصائل العسكرية في المنطقة.واعتصم مئات من أهالي منطقة عفرين، الخميس والجمعة، أمام منزل المدنيين الأربعة الذين قضوا برصاص عناصر محسوبة على «جيش الشرقية» في جنديرس عشية عيد النيروز، وطالب المعتصمون بحماية دولية لمنطقة عفرين، وخروج كافة الفصائل العسكرية من المنطقة. وشهد الاعتصام كلمة لعضو المجلس الوطني الكردي، وعضو الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد حسن، طالب من خلالها بتقديم الجناة مرتكبي جريمة قتل المدنيين الأربعة وفصيلهم «جيش الشرقية» لمحكمة دولية، كما طالب «الائتلاف المعارض» بإدانة واستنكار الجريمة واتخاذ موقف واضح ضدها. مشيراً في كلمته إلى أن الفصائل المسيطرة على المنطقة «عاجزة عن حمايتها من الانتهاكات المتكررة فمن الأولى المطالبة بحمايتها من طرف المجتمع الدولي».

وأقدم، مساء الإثنين الماضي مقربون من «جيش الشرقية» التابع لحركة التحرير والبناء وهي العمود الفقري لـ «الفيلق الأول» في الجيش الوطني المعارض، على إطلاق النار بشكل عشوائي على أربعة مدنيين من عائلة واحدة من القومية الكردية في حي الصناعة في ناحية جنديرس، خلال احتفالهم بعيد النيروز ما تسبب بمقتل ثلاثة منهم على الفور، وفارق شخص آخر من نفس العائلة الحياة مساء الثلاثاء جراء إصابته بجروح.

وفي التفاصيل، ذكر شهود عيان أن عنصراً مقربا من «جيش الشرقية» ينحدر من قرية خشام بريف محافظة دير الزور، طالب المدني الكردي، فرح الدين عثمان بإطفاء نار أشعلها على سطح منزله في حي الصناعة بجنديرس كأحد طقوس الاحتفال بعيد النيروز، بحجة الخوف من تطاير شرر النار والتسبب في حرق الخيام القريبة، إلا أن عائلة عثمان لم تتقبل الطلب، ما أدى إلى حصول مشادة كلامية بين ابن أحد القادة في «جيش الشرقية» وأفراد عائلة عثمان، فاستدعى العنصر أقربائه المسلحين من الفصيل المذكور. وقاموا بشتم العائلة وإطلاق عبارات مناهضة لعيد النيروز وطقوسه مثل «النيروز شرك بالله وكفر» تلاها إطلاق النار تسبب بمقتل فرح الدين عثمان، وشقيقيه نظمي ومحمد، ونجله محمد فرح عثمان.

وسارعت الشرطة العسكرية والمدنية على الفور بإغلاق جميع الطرق المؤدية لمنزل الضحايا، وسط انتشار أمني كثيف، وبالتوازي نفت «حركة التحرير والبناء» التي ينتمي لها «جيش الشرقية» عبر بيان لها عقب وقوع الجريمة ضلوع أي من عناصرها بعملية قتل المدنيين الأربعة، التي وصفتها بـ «الفعل المشين الذي يتعارض مع القيم الإنسانية والشرائع السماوية» وأضافت الحركة أن «مرتكبي الجريمة شخصان مدنيان لا عسكريان، وأن ملابساتها بدأت عندما اعترض المدنيان المنحدران من المنطقة الشرقية على إشعال النار بمنطقة قريبة من خيام أنشئت بعد زلزال 6 شباط (فبراير) ليتطور الخلاف لإطلاق النار على المدنيين ما تسبب بسقوط ضحايا وجرحى».ووصف البيان اتهام الحركة بالجريمة بالمحاولات الدنيئة التي تهدف للنيل من علاقة الحركة بما وصفتها «بالقاعدة الشعبية». وعلى خلاف بيان «التحرير والبناء» الرافض لاتهام عناصر الحركة بالجريمة، أكد بيان صادر عن الحكومة السورية المؤقتة أن الجريمة غذيت بمخلفات الفكر العنصري، وعقلية البعث الإقصائية، دون أن ينفي أو يؤكد البيان ضلوع عناصر من الجيش الوطني بالجريمة.وأعلن المجلس المحلي في ناحية جنديرس في بيانٍ له الحداد في المدينة لمدة ثلاثة أيام، داعياً لتفعيل دور المحاكم، لرد المظالم وحفظ الحقوق، ما يسهم في تحقيق العدالة والحرية والعيش الكريم. كما استنكر الائتلاف السوري الوطني المعارض، الجريمة، وتعهد في بيانٍ له بملاحقة الجناة، ومحاكمتهم بشكلٍ عادل.

وأشار «الائتلاف الوطني» إلى أنه وجه الحكومة السورية المؤقتة والجيش الوطني للتحقيق في الجريمة على أعلى المستويات والقبض على القتلة، معرباً عن رفضه لأي سلوك عدواني من أي طرف بسبب الاختلاف بالدين أو العرق أو القومية.بدوره أخلى فصيل «جيش الشرقية» جميع مقراته العسكرية داخل مدينة جنديرس، فيما لم تفعل بقية الفصائل الأمر ذاته، وأعلنت «حركة التحرير والبناء» التي ينضوي ضمنها «جيش الشرقية» في بيانٍ مصور بثته على معرفاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، الأربعاء، بعد يومين على مقتل المدنيين الأكراد عن تمكنها من إلقاء القبض على ثلاثة من المتورطين بمقتل ضحايا جنديرس، وظهر في البيان المرئي المتهمون الثلاثة وهم عمر صالح الأسمر وحبيب علي خلف، وبلال أحمد العبود، وذكر ناطق البيان ان الحركة سلمت المتهمين للشرطة العسكرية في عفرين.وقال مصدر عسكري في جيش الشرقية في حديث مع «القدس العربي» إن الجناة غير مسجلين على القوائم الرسمية لحركة التحرير والبناء التي ينضوي جيش الشرقية ضمن مكوناتها، مشيرا إلى أنهم تابعون لـ «جيش الشرقية» من ناحية العرف وصلة القرابة مع مجموعة «خشام» التي يقودها أبو خلف خشام.

بالمقابل، حصلت «القدس العربي» على صورة من مصدر في الشرطة العسكرية لعلي الخلف بن جيجان بعد أن قامت أمنية «جيش الشرقية» بتسليمه للشرطة العسكرية لمتابعة التحقيقات وهو والد حبيب الخلف أحد القتلة الذين ظهروا في الفيديو، وتشير الصورة المذكورة إلى أن والد حبيب عسكري في «جيش الشرقية».في سياق منفصل، وجد أبو محمد الجولاني في جريمة قتل المدنيين فرصة سانحة لإعادة الكرة والتدخل في عفرين مرة أخرى، ووصل مباشرة إلى منطقة أطمة حيث وصلت جثامين القتلى، ومن الواضح أن الجهاز الأمني التابع لهيئة «تحرير الشام» هو من نقل أهالي القتلى وجثث القتلى فورا إلى حدود منطقة إدلب التي تسيطر عليها «تحرير الشام» حيث توعد الجولاني بمحاسبة القتلة ومعاقبتهم واعطائه الأمان لأهالي الضحايا. وأكد أنه لن يسمح بعد اليوم بأي اعتداء على الكرد. وبالفعل سيطرت هيئة «تحرير الشام» ظهر الثلاثاء على كامل مدينة جنديرس، بعد أن اقتحم رتل مكون من آليات عسكرية ومصفحات ورشاشات البلدة دون أن يعترضه أي فصيل من الجيش الوطني المنتشر داخلها، واقتحم عناصر «تحرير الشام» مقر المجلس المحلي لناحية جنديرس، ومقر الشرطة العسكرية فيها.

الجدير بالذكر، ان عملية اقتحام جنديرس من مقاتلي «تحرير الشام» تزامنت مع تواجد وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، العميد حسن حمادي وعدد من قيادات الجيش الوطني للمشاركة في عملية تشييع الضحايا.إلى ذلك، اتهم ناشطون هيئة «تحرير الشام» بتدبير جريمة جنديرس على أنها جريمة ارتكبها الجيش الوطني ضد الأكراد، لتبرير سيطرة «الهيئة» على البلدة بذريعة حماية الأكراد، ووقف الانتهاكات التي يرتكبها الجيش الوطني بحقهم.واتهم نشطاء القيادي العراقي في «تحرير الشام» أبو ماريا القحطاني بالوقوف وراء الحادثة، وأرفقوا صورة القيادي في جيش الشرقية حسن الضبع مع الجولاني قبل يوم من جريمة جنديرس وقالوا ان مرتكبي الجريمة تابعون لمجموعة الضبع وأبو خلف خشام، وأن الاخيرين مرتبطين أمنياً بالقحطاني.

وفي التفاصيل، خرج الآلاف من أهالي عفرين وجنديرس والمناطق المحيطة، الثلاثاء في مظاهرة غاضبة تزامناً مع وصول جثامين الضحايا الأربعة التي لفت بالعلم الكردي، وردد المتظاهرون خلال التشييع هتافات تطالب بوقف الانتهاكات بحق المدنيين الكرد في جنديرس ومنطقة عفرين بشكل عام، هاتفين «آزادي» و «الحرية لعفرين» وحملوا لافتات كتب عليها «12 سنة من الظلم والقتل والتهجير» و «جنديرس حرة، الفصائل تطلع برا» كما حمل المتظاهرون لافتة تعبر عن رمزية مقتل المدنيين الأربعة بالتزامن مع عيد النيروز كتب عليها «كاوا الحداد رمزنا، واليوم خمسة رموز».كما طالب بعض المتظاهرين بدخول «البيشمركة السورية» لمنطقة عفرين، وخروج كافة الفصائل الأخرى، وتتبع البيشمركة السورية للمجلس الوطني الكردي، وتضم عددا من العسكريين المنشقين عن نظام الأسد، يتواجدون في كردستان العراق تحت رعاية مسعود بارزاني.

في التعليقات، اعتبر بسام الأحمد مدير منظمة شوريون من أجل الحقيقة والعدالة، ومقرها في باريس، ان الخطورة فيما حصل أنها أول حادثة قتل علني تحدث بهذا الشكل خلال يوم عيد النيروز، والتضييق السابق كان محاولات لمنع الاحتفال تحت ذرائع أمنية. ووصف ما جرى أنه «تتويج لسلسة الانتهاكات التي بدأت قبل خمس سنوات، يا للأسف».وحول القصاص من القتلة لفت في اتصال مع «القدس العربي» إلى انه لا يتوقع حصول العدالة بقضية القتلة متسائلا أين القصاص في قضية مقتل الناشط أبو غنوم في مدينة الباب، وأين القصاص في قضية قائد فرقة السلطان سليمان شاه، محمد الجاسم أبو عمشة؟ فرغم ادانته من قبل اللجان المحلية عدة مرات خرج بريئا ولم تتمكن محكمة من حسابه» واصفا الأطر الحوكمية بـ «الضعف والهزالة».

ولفت الأحمد «كل ما يحصل في عفرين منذ خمس سنوات يؤكد الاستهداف الممنهج للأكراد، بدأ تحت ذريعة الانتماء إلى وحدات حماية الشعب. لكنه تبين لاحقا انه حجة لاستهداف الوجود الكردي في عفرين».ونوه إلى «أهمية التضامن الشعبي وتضامن المثقفين والنشطاء السوريين الواسع، فهذا الظلم الكبير لم يعد مقبولا لدى أحد لا من العرب أو الكرد»

.في ردود الأفعال، نفى رئيس رابطة الكرد المستقلين، عبد العزيز تمو في تصريح لـ «القدس العربي» أن يكون ما حدث في جنديرس جريمة مشاجرة موضحا أنها «مجزرة ارتكبها ابن المسؤول الأمني للفصيل الذي تراكمت انتهاكاته منذ سنوات بحق أبناء جنديرس، سواء من السكان الأصليين أو النازحين المقيمين دون أي رادع أو ضبط لانتهاكات هذا الشخص».

وزاد رئيس الرابطة المقربة من أنقرة «طالما حذرنا جميع الفصائل بعدم العبث بالسلم الأهلي والتعايش المشترك وتربية عناصرهم على احترام الإنسان السوري بغض النظر عن لونه وعرقه ودينه. ولكن يا للأسف فشلنا في ذلك».

وأوضح أن المستفيد من هذه الفوضى الأمنية «هما تنظيم جبهة النصرة وميليشيا قسد الإرهابيين، الأول يريد أن يظهر انه حامي الأقليات في عفرين والثاني يريد أن يقول للعالم أن من يحكم عفرين هم مجموعة من الإرهابيين».

ووجد تمو الحل لمنطقة عفرين هو «العمل على بناء إدارة مركزية موحدة من قبل مؤسسات المعارضة» وحول قضية العدالة والقصاص لم يعر أهمية للهيئات العسكرية والمدنية، مشددا «لدينا ثقة كبيرة بحليفنا الاستراتيجي الجيش التركي والحكومة التركية التي تعتبر المنطقة تحت نفوذها.

بان تتم محاكمة هؤلاء المجرمين وتحقيق العدالة الاجتماعية لذوي الضحايا».اللافت بالأمر، أن «تحرير الشام» كانت قد أرسلت في تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي أرتالاً عسكرية للوقوف مع «فرقة الحمزة» التابعة للجيش الوطني والمتهمة بقتل الناشط الإعلامي محمد غنوم وزوجته، وضد محاولات الفيلق الثالث للقبض على الجناة.

مقالات ذات صلة

USA