المدن:10/6/2021
نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية تقريراً تناولت فيه خطة الإدارة الاميركية لتوسيع دائرة توزيع المساعدات في سوريا، والتي من المقرر أن يناقشها الرئيس الأميركي جو بايدن مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال قمتهما المنتظرة الأسبوع المقبل في جنيف.
ونقلت “فورين بوليسي” عن ثلاثة مصادر مطلعة على الخطة بشأن سوريا أن بايدن يعتزم الضغط شخصياً على بوتين لتوسيع دائرة توزيع المساعدات الإنسانية في سوريا، وحددت المصادر هَدفيْن لخطة بايدن، وهما: الأول أن يكون لأميركا دورٌ في منع وقوع كارثة إنسانية أخرى في منطقة الشرق الأوسط، والهدف الثاني هو لاختبار ما إذا كان بوتين قادراً على انتزاع تنازلات من أحد أبرز خصوم الولايات المتحدة في الملف السوري.وتمثل خطة إدارة بايدن جهداً منسّقاً، وإن كان محدوداً، لعودة الإنخراط الأميركي في بلد غابت إدارَتا الرئيسين السابقين أوباما وترامب عنه.
وكانت روسيا قد أجبرت الأمم المتحدة على تقليص برنامج ضخم مصمم لتقديم الإغاثة من خلال عدد قليل من نقاط العبور الحدودية في تركيا والأردن والعراق، لإنقاذ ملايين المدنيين السوريين الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها المعارضون في شمال غرب وشمال شرق سوريا. وألمحت موسكو إلى أنها قد تغلق البرنامج كلياً، أو على الأقل تقصّر تفويضها من عام إلى 6 أشهر بحلول 10 تموز/يوليو، حتى يحين موعد التجديد، على الرغم من تحذيرات الأمم المتحدة أن من شأن هذا القرار أن يؤدي الى “كارثة إنسانية”.
ويتوقع دبلوماسيون أن تضغط روسيا لإغلاق نقطة العبور التركية الأخيرة في باب الهوى، حيث ترسل الأمم المتحدة حوالى 1000 شاحنة شهرياً لخدمة أكثر من 2.4 مليون شخص في مناطق تسيطر عليها فصائل معارضة في إدلب.
وجعلت إدارة بايدن الأزمة الإنسانية السورية أولوية منذ الأسابيع الأولى من ولايتها. وفي آذار/مارس، ناشد وزير الخارجية انتوني بلينكن أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة “إعادة تفويض المعابر الحدودية، ووقف عرقلة إيصال المساعدات، والسماح للعاملين في المجال الإنساني بإيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين المدنيين أينما كانوا في أسرع وقت ممكن”.وقالت الممثلة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد للصحافيين في أنقرة، بعد إعلانها زيادة تمويل الولايات المتحدة لجهود المساعدات الإنسانية بقيمة 240 مليون دولار: “أبلغتني المنظمات غير الحكومية الدولية، واللاجئون أنفسهم أنهم من دون المعبر الحدودي الأخير (أي معبر باب الهوى) سيموتون”.كما سعت مجموعة من المشرّعين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بما في ذلك رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي السيناتور بوب مينينديز، وعضو اللجنة البارز جيم ريش، والنائبان غريغوري ميكس ومايكل ماكول، إلى دعم مناشدة بلينكن.ويعتبر عدد من مراقبي الأمم المتحدة أن مشاركة إدارة بايدن في سوريا هو اختبار لمدى تأثير واشنطن على المسرح الدولي، كما يوضح مستوى تنسيق السياسات الدولية، وهو أمر كان غائباً إلى حدّ كبير في إدارة ترامب. وقال خبير الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية ريتشارد جوان: “للمرة الاولى تبدو كل الخطابات حول عودة الولايات المتحدة إلى الدبلوماسية أمر جدّي”.
خطة بايدن حول سوريا فرصة جديدة لتحديد ما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة العثور على نواح مشتركة للعمل مع روسيا. وأضاف جوان “الولايات المتحدة تضع هذه الخطة على أنها اختبار حاسم للعلاقة مع موسكو، ليس فقط بشأن سوريا ولكن بشكل عام”. ويضيف “هو اختبار لمعرفة ما إذا كان الروس على استعداد لتقديم تنازلات”.
وتساءل آخرون عما إذا كان تركيز الولايات المتحدة على المساعدات الإنسانية واحتواء تنظيم “داعش” قد يغطي عدم وجود سياسة شاملة لمواجهة مجموعة من التحديات الشائكة لواشنطن، منها انتشار النفوذ والقوة الروسية والإيرانية في البلاد، وجرائم الحرب الجماعية في سوريا.بدوره، قال المبعوث الأميركي السابق بشأن سوريا السفير جيمس جيفري: “لن تختفي المشاكل الاخرى في سوريا”، لافتاً الى أن بوتين لن يفتح المعابر الحدودية من دون مقابل، وأن “الروس سوف يحاولون الحصول على تنازلات مقابل هذا الأمر”.
وفي محادثات سابقة ثنائية بين المفاوضين الروس والأميركيين حول سوريا، يقول جيفري إن “الروس طالبوا بتجميد العقوبات ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد ووقف الجهود التي تمنع الدول الأخرى ووكالات التنمية الدولية من الاستثمار في إعادة إعمار سوريا”.
وأضاف “قلنا لهم مراراً.. لا”.ويستعرض مقال آخر في “فورين بوليسي”، للكاتبة رشا الخطيب، خطة بايدن حول سوريا. وتقول الخطيب إن قمة بايدن-بوتين تمثل الظرف الأمثل لواشنطن لإبرام صفقة بشأن سوريا وأن هناك احتمالاً لتسوية أميركية-روسية.
وأضاف المقال أنه “من المرجح أن تقبل روسيا بالتضحية برئيس النظام السوري بشار الأسد، ولكن فقط مقابل الاعتراف بوضعها الجيوسياسي واستمرار نفوذها السياسي والعسكري في سوريا”.وقالت الكاتبة إن “أي صفقة من هذا القبيل يجب أن تنص على تشكيل بديل سياسي وعسكري واقتصادي شرعي للنظام السوري، ويستلزم هذا قبول روسيا بتشكيل حكومة انتقالية في سوريا تتألف من عناصر من النظام الحالي، لكن من خارج عائلة الأسد، وعناصر من مجموعات معارضة مختلفة ومن المجتمع المدني”.
وأضافت أنه يمكن لواشنطن استخدام أدواتها للضغط على موسكو لقبول الصفقة، من بينها أن تتمسك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالموقف القائل إن العقوبات الاقتصادية، التي تعطل عملية إعادة الإعمار في سوريا، لن تُرفع قبل حدوث الانتقال السياسي.من جهة أخرى، تستطيع أميركا تحريك ملف محاسبة روسيا على أفعالها في سوريا، بما في ذلك الهجمات على أهداف مدنية ومنشآت طبية، لقبول الصفقة، بحسب الخطيب.