مصطفى محمدالمدن:29/7/2022
ما زالت أصداء تصريحات وزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو بخصوص استعداد بلاده تقديم الدعم السياسي لعمل النظام السوري تتردد بقوة في أوساط المعارضة، وسط مخاوف من أن يشكل الموقف التركي “انعطافة” سياسية في موقف أنقرة السياسي من الملف السوري.وبعد التصريحات غير المسبوقة التي أدلى بها رأس السياسة الخارجية التركية، جاءت ردود فعل المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري لتعبر عن خيبة أمل.
وكان أوغلو قد أعلن في مقابلة تلفزيونية الأربعاء، استعداد بلاده لتقديم الدعم للنظام السوري في مواجهة قسد، معتبراً أن “للنظام حقاً طبيعياً في إخراج الإرهابيين من أراضيه”.الجناج العسكري يصعّدواللافت أن موقف المعارضة بجناحها العسكري إزاء تصريحات أوغلو جاء متقدماً على الشق السياسي المتمثل بالائتلاف الذي لم يصدر حتى الساعة بياناً، لأسباب واضحة للجميع.
وقال قائد الجبهة الشامية (الفيلق الثالث) التابع للجيش الوطني، أبو أحمد نور إن “الحرب على العصابات الإرهابية (قسد) لا تكون بدعم مشغلها وصانعها (النظام السوري)”، مضيفاً “حاربوا النظام تنتهوا من مشكلة الميليشيات الانفصالية”، في خطاب موجه لتركيا.بدوره قال قائد حركة التحرير والبناء التابعة للجيش الوطني، العقيد حسين حمادي: “نعمل ضمن خريطة حدودها الشهداء الأحرار فلا يمكن تحت أي ظرف كان أو قاعدة سياسية مهما كانت تجعلنا نخرج نظام الأسد وإرهاب قسد من قائمة أعدائنا”.وتساءل حمادي: “كيف للتعاون أن يأتي بنتيجة إذا كانت الميليشيات الكردية هي صنع النظام السوري، بهدف الضغط على الشعب السوري والجوار”.
ورغم ذلك، استبعد مصدر عسكري من المعارضة في حديث ل”المدن”، أن تتأثر علاقة الفصائل مع الجانب التركي نتيجة التصريحات التي تأتي في إطار “المناورة” من أنقرة، مستدركاً: “لكن، إذا خرجت التصريحات إلى مساحات أخرى سنكون أمام تقدير موقف آخر، ومع ذلك لا نعتقد أن تلك التصريحات غير منسجمة مع موقف الدولة التركية الواضح لجهة الاستمرار في دعم المعارضة”.أنقرة لن تخذل المعارضةويتفق مع المصدر، الكاتب والمحلل السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو الذي ينفى بدوره وجود أي مؤشر على توجه تركي نحو التخلي عن دعم المعارضة السورية. ويضيف ل”المدن”، “بالنسبة لتركيا المعارضة ضرورة، ولن يكون هناك أي خذلان من أنقرة، ولا يمكن الوثوق بالنظام الذي يدعم بالخفاء منظمات إرهابية مثل قسد، وتركيا تعلم صديقها من عدوها”.
ومعقباً على تصريحات تشاووش أوغلو، يقول كاتب أوغلو: “لا عودة تركية إلى الوراء في العلاقة مع النظام السوري، وتوقعي أن أوغلو كان يتكلم بطريقة لا يقصدها (….) مفرداته لم تُسعفه، لأن استخدام كلمة دعم النظام ليس موفقاً”.
ويضيف المحلل السياسي المقرب من حزب العدالة والتنمية، أن تركيا محيطة تماماً بحقيقة التعاون بين النظام وقسد، معتبراً أنه “يجب عدم تحميل تصريحات وزير الخارجية التركية أكثر مما تحتمل، لأن القضية ليست تصريحات فقط، وإنما هي أفعال، ونهج تركيا العسكري في الشمال السوري يدل على ذلك”.وحسب كاتب أوغلو فإن من المرجح أن يخرج تشاووش أوغلو بتصريحات تصحيحية لحديثه السابق الذي لم يدلِ به في مؤتمر صحافي رسمي، وإنما في مقابلة تلفزيونية.
موقف تصعيدي
وفي سياق ردود الأفعال التي أثارها تشاووش أوغلو، تناول خطباء المساجد في الشمال السوري في خطبة الجمعة تصريحات وزير الخارجية، باستياء واضح، وذلك في استجابة لبيان “المجلس الإسلامي السوري” الخميس.
وكان المجلس الإسلامي السوري قد دعا الخميس، جميع الخطباء والوعاظ والمفتين، إلى التركيز في خطبهم على أن “إرهاب” النظام السوري يفوق جميع التنظيمات الإرهابية الأخرى، في ما اعتُبر رداً على كلام أوغلو.
وتحت عنوان: “لا إرهاب يفوق إرهاب عصابة الأسد”، أصدر المجلس الإسلامي السوري بياناً، دعا فيه “المشايخ من الخطباء والوعّاظ والمفتين” أن يركز محور خطبهم يوم الجمعة على أن “أكبر إرهابٍ يمارس اليوم داخل سوريا هو إرهاب العصابة المجرمة الطائفية الحاكمة”.
سياسياً، قال رئيس هيئة التفاوض بدر جاموس: “بالنسبة لنا نظام الأسد هو الداعم الرئيسي والمباشر للإرهاب في المنطقة بدءاً من حزب العمال الكردستاني الإرهابي وحزب الله والميليشيات الإيرانية المتطرفة، والعلاقة بينهم وثيقة ومعلنة منذ سنوات، ونظام الأسد هو جزء من منظومة الإرهاب في سوريا وهو من قدم لها الدعم والرعاية والسلاح”.
ويقول عضو مكتب العلاقات العامة في الفيلق الثالث التابع للجيش الوطني هشام سكيف ل”المدن”، إن “موقفنا من نظام الأسد جذري، وهذا النظام هو الذي فرّخ التنظيمات الإرهابية ورعاها وأسسها”، وأضاف “لا يمكن بأي حال من الأحوال قبول التعاطي مع نظام فعل ما فعل بالشعب السوري، وجلب الاحتلالات، وعلى هذا الموقف تبنى عقيدتنا القتالية”.
الواضح أن تصريحات تشاووش أوغلو قد أشعرت المعارضة بالخطر، لكن نظراً لضيق هامش المناورة أمامها فإن من غير المتوقع أن تنتقل المعارضة من نطاق التصريحات إلى الأفعال في الرد على تركيا الحليفة الوحيدة المتبقية.