موقع تلفزيون سوريا:24/9/2022
قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، إن “وظيفيتي هي تذكير المجتمع الدولي بأن سوريا في أزمة مستمرة”، مشيراً إلى أن الأزمة السورية هي “أولاً وقبل كل شيء أزمة ذات أبعاد ملحمية للشعب السوري، وللبلدان المجاورة التي تضم أعداداً كبيرة من اللاجئين”.
وفي مقابلة أجراها معه موقع “المونيتور” الأميركي، قال بيدرسن إنه “لا توجد ضمانات على الإطلاق في سوريا”، مؤكداً على أنه “إذا لم نتحرك نحو وقف إطلاق نار على الصعيد الوطني في سوريا، وإذا لم نعد العملية السياسية إلى مسارها الصحيح فإن الأمور يمكن أن تنهار مرة أخرى”.
لا أحد يستطيع أن يملي نتيجة الصراع
وحول اجتماع وزراء خارجية دول “مسار أستانا”، الذي حضره المبعوث الأممي، أوضح بيدرسن أن الوزراء “أرادوا إرسال رسالة دعم للعمل الذي أقوم به، مدركين أن المناخ الدولي الصعب جداً”، مشيراً إلى أن “رسالتي هي أن الوضع في سوريا يزداد صعوبة يوماً بعد يوم عندما يتعلق الأمر بالظروف الاقتصادية”.
وأوضح بيدرسن أن 9 من كل 10 سوريين يعيشون في فقر، ولدينا أكثر من 14 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، مضيفاً أن “الحقيقة المحزنة هي أن نصف السكان تركوا منازلهم، ولدينا خمسة جيوش تعمل داخل المنطقة نفسها، والدولة مقسمة على أربع مناطق مختلفة على الأقل، بما فيها مرتفعات الجولان، وليس هناك ما يشير على أي من هذه الجبهات إلى أننا سنرى تحسناً، سوى تجميد الخطوط الأمامية منذ 20 آذار الماضي”.
ووفق المبعوث الأممي، فإنه “قبل آذار من العام 2020، كانت أطول فترة بين خطوط المواجهة في سوريا ثلاثة أسابيع، والآن لا توجد تغييرات منذ ما يقرب من عامين ونصف، لكن المشكلة أنه لا يزال هناك مناوشات، ولم نطور بشكل حقيقي وقف إطلاق نار على مستوى البلاد، وليس لدينا الاستقرار الذي نحتاج إليه، ولم نستغل هذه الفترة لتطوير العملية السياسية”.
وقال بيدرسن إن “حجتي لثلاثي أستانا، كما هو الحال مع الأميركيين والأوروبيين، هي أنه لا أحد منكم يستطيع أن يملي نتيجة الصراع، والشيء نفسه يفهمه الأميركيون والأوروبيون.
يجب أن يكون هناك حل وسط يشمل الأطراف السورية”، مضيفاً أنه “من دون نوع من التعاون بين جميع الجهات الفاعلة، لن نحل القضايا الأساسية، والتحديات السياسية القائمة في البلاد، أو نبدأ في النهوض بالاقتصاد وتشغيله مرة أخرى”، مشدداً على الحاجة إلى هذا النوع من العمليات.
اللجنة الدستورية لم تقدم ما توقعناه منها
وعن اللجنة الدستورية، أوضح بيدرسن أنه أبلغ “ثلاثي أستانا” بأنه سيستمر في العمل على اللجنة الدستورية “لكن بصراحة اللجنة لم تقدم ما توقعناه منها، وما كان ينبغي أن تقدمه”، مشيراً إلى أن الجولات الأخيرة “كانت خيبة أمل، ونحن نعلم أن لدينا مشكلة في المكان، فالروس وحكومة النظام السوري لا يريدون المجيء إلى جنيف”.
وأشار المبعوث الأممي إلى أن “رسالتي لوزراء خارجية أستانا كانت: اسمعوا أصدقائي، نعم لدينا تحدٍّ مع المكان، لكن التحدي الرئيسي ليس المكان، بل هو عدم إحراز تقدم جوهري في تعاملنا مع اللجنة المؤسسية”، لافتاً إلى أنه “ما سمعته من الوزراء الثلاثة كان دعماً لعملي، وما طلب مني أن أذكره هو ما أفعله ومحاولة التحضير لذلك، وهو ما أسميه نهج خطوة مقابل خطوة”.
وذكر بيدرسن أن “هناك رؤية مختلفة من ثلاثي أستانا حول ما هو ممكن، وفي الوقت نفسه الأتراك يهددون بعمل عسكري إذا شعروا أن أمنهم لم يتحقق، فضلاً عن إمكانية التواصل مع حكومة النظام في دمشق”.
وأكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة أن “هناك العديد من الأشياء على المحك، لكن الوضع في سوريا لا يزال خطيراً جداً، وليس لدي اجتماع مع الأطراف الأوروبية، وهذا على ما أعتقد تعبير مثير للاهتمام عن عدم وجود تركيز على سوريا”.
التركيز على القضايا الإنسانية والعملية السياسية
وتعليقاً على العملية العسكرية التي أعلنت عنها تركيا في شمالي سوريا، قال بيدرسن “تحدثت عن هذا الأمر في إحاطاتي الإعلامية في مجلس الأمن، وأقول بشكل أساسي إنه ينبغي أن نركز في هذا الوقت على القضايا الإنسانية والعملية والسياسية”.
وأكد المبعوث الأممي على أنه “هناك تفاهم على وجود مصالح أمنية تركية، وهناك مصلحة مشروعة تجب معالجتها، ونأمل أن يتم تناول ذلك في سياق النقاش الروسي التركي، والمناقشات التركية الأميركية، ونأمل بشدة أن يكون التركيز على معالجة القضايا الإنسانية والتركيز على الاتجاه السياسي”.
“خطوة مقابل خطوة “: خلق تفاهم بين الجهات الفاعلة
وفيما يتعلق بمبادرة “خطوة مقابل خطوة”، قال بيدرسن “لن أقول إن وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني هو شرط مسبق للمضي قدماً في مبادرة خطوة مقابل خطوة، لكن أعتقد أن الفكرة وراء المبادرة هي محاولة خلق تفاهم بين الجهات الفاعلة الرئيسية، وأنه من الممكن المضي قدماً من دون تهديد المصلحة الأساسية لأي من الأطراف”.
وشدد على أنه “علينا القيام بذلك عن طريق تحديد ما اتفقنا عليه بدقة شديدة قبل اتخاذ أي إجراء، فعلى سبيل المثال، ستعرف حكومة النظام ما يمكن توقعه من الأميركيين أو الأوروبيين أو العرب، ويجب أن يكون ذلك دقيقاً ومتفقاً عليه من قبل وقابلاً للتحقق، والعكس أيضاً صحيح”.
وأشار المبعوث الأممي إلى أنه “طورنا بعض الأفكار الجيدة، لكن المناقشات لا تزال جارية مع النظام والمعارضة والمجتمع الدولي حول هذا الموضوع”، لافتاً إلى أنه “قد تكون هناك طرق أخرى للمضي قدماً، لكن حتى الآن لا توجد مقترحات أخرى مطروحة على الطاولة”.
الدعم الإنساني مجرد إسعافات أولية
وعن تعامل الدول الغربية مع الأزمة السورية، في ظل الأزمات العالمية الأخرى، قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا إن “وظيفتي هي تذكير المجتمع الدولي بأن سوريا في أزمة مستمرة، وهي أولاً قبل كل شيء أزمة ذات أبعاد ملحمية للشعب السوري، وكذلك للدول المجاورة التي تضم أعداداً كبيرة من اللاجئين، فضلاً عن خطر الإرهاب، والجيوش الخمسة التي تعمل على الأراضي السورية”.
وأضاف أنه “وسط كل هذا، لا توجد أي ضمانات على الإطلاق إذا لم نتحرك نحو وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وإعادة العملية السياسية إلى مسارها الصحيح”، موضحاً أن “هذا تهديد حقيقي أولاً وقبل كل شيء للسوريين والمنطقة، وللسلم والأمن الدوليين، خاصة على خلفية ما يحدث في أوكرانيا والقضايا الأخرى”.
وقال بيدرسن إن “وظيفتي محاولة تذكير المجتمع الدولي بأن هذه الأزمة لم تنته بعد، وأنها تتطلب أيضاً استثماراً سياسياً، وليس فقط استثماراً إنسانياً، الذي هو مهم جداً، وهناك الكثير من الكرم من الأوروبيين والأميركيين في هذا الجانب، لكنه في حد ذاته لن يغير مسار الصراع، فهو ليس أكثر من مجرد إسعافات أولية، ولا تتناول المصادر الحقيقية للأزمة”.
إطلاق سراح المعتقلين إجراء لبناء الثقة
وفيما يتعلق بالتقدم في قضية المعتقلين والمحتجزين والمفقودين السورين، قال بيدرسن إن “هناك أرقاماً مختلفة حول عدد القتلى والمفقودين، والأرقام المتداول غير مؤكدة، لكنها ذات أبعاد أسطورية”، مضيفاً أن قضية المعتقلين “تؤثر على كل أسرة تقريباً، في مناطق سيطرة النظام السوري ومناطق سيطرة المعارضة”.
وأشار المبعوث الأممي إلى “العفو” الذي أصدره رئيس النظام، بشار الأسد، في نيسان الماضي، وأطلق سراح نحو 500 معتقل، موضحاً أن “500 شخص في الإطار الأكبر ليس كثيراً، ونعلم أن هناك أشخاصاً تم اعتقالهم منذ العام 2011، لكن الإفراج عن هؤلاء الـ 500 أمر مهم جداً”.
وأوضح أنه “خلال مناقشاتي مع حكومة النظام قلت لهم: آمل أن يكون هذا شيئاً يمكننا تطويره أكثر، وقلت إنه إذا كان هذا شيئاً يمكننا البناء عليه، ويمكن أن يحدث ويتم تنفيذه بطريقة شفافة حيث يتم التحقق من الشخص الذي سيطلق سراحه، فسيكون لفتة إنسانية بالغة الأهمية للعائلات، ولكنه أيضاً شيء يمكن اعتباره إجراءً لبناء الثقة”.
وأكد بيدرسن على أن قضية المعتقلين “قد تكون أحد الأشياء الإيجابية التي يمكن أن تمضي قدماً”، مشيراً إلى أنه “لم يكن هناك الكثير من التطور في مرسوم العفو، لكن ستكون هذه القضية إحدى القضايا التي سأناقشها مع وزير خارجية النظام فيصل المقداد اليوم السبت”.
وشدد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا على أنه “فقط من خلال دفع العملية السياسية إلى الأمام بطريقة حقيقية وشاملة، تماشياً مع القرار 2254، يمكننا تلبية التطلعات المشروعة للشعب السوري، واستعادة سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها”.