• الجمعة , 29 نوفمبر 2024

“قمة سوتشي”.. ماذا بعد إيقاف معركة إدلب؟

أوضحت بنود اتفاق “قمة سوتشي” أنّ الاستراتيجية الروسية تقوم على مبدأ المنتصر هو من يقدّم خيار القوة على خيار السلام، لذلك كل ما قامت وتقوم به موسكو على الصعيدين السياسي والعسكري يندرج تحت شعار وأد الثورة، ولكنها اضطرت نتيجة المواقف الدولية الرافضة للعمل العسكري في إدلب للقبول بصيغة توافقية مع شريكها التركي في اللقاء الأخير الذي جمع الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في سوتشي يوم 17 سبتمبر/ أيلول الجاري، والخروج بنتائج تهدف إلى حالة من التطبيع القسري بعد تجريد المعارضة من سلاحها الثقيل.

يبدو أن مقررات “قمة سوتشي” هي الأكثر فاعلية والأسبق في التنفيذ من أي مسعى سياسي قدمته الأطراف الدولية في جنيف أو في التفاهمات الثنائية بين واشنطن وموسكو، لفرض السيطرة الروسية بالقوة المسلحة على البلاد كلها، ونسف كل مبادرات السلام التي دعت إليها في آستانة، بعد الالتفاف عليها طويلاً، وفق استراتيجية من يجيد تقدير الموقف من الحسم العسكري تقديراً دقيقاً، لذلك جاءت “القمة” لوصد الأبواب أمام أيّ مسعىً حقيقي للسلام، ونسف “قرارات جنيف” التي أقرها ممثلو الدول الكبرى، وطي وثائقها باعتبارها أقوى الوثائق السياسية الدولية لحل الصراع في سوريا.

في هذا الصدد، تؤكّد بنود الاتفاق أنّ الروس وضعوا خيار الحسم العسكري موضع التنفيذ في حال فشل الأتراك بإيجاد حلول لمشكلة “التنظيمات الإرهابية في إدلب”، وهو ما سيرفع العتب الغربي عن موسكو في حال قررت العدوان على المناطق المحررة، وارتكابها كوارث.

وبالتالي؛ فإنّ بنود الاتفاق الأخير يعزز قبضة الروس على سوريا ويمكن الأسد الوريث من البقاء في السلطة لشرعنة احتلالهم، مما يوجب على المعارضة بشقيها السياسي والعسكري التوقف مليّا عند بنود سوتشي بالاتفاق مع الضامن التركي لتفنيدها ووضع آلية واضحة تمنع انهيارات المعارضة في إدلب دون معركة، وهو ما يعمل الروس ونظام الأسد لتحقيقه ولو على مدى بعيد.

إدلب.. حسابات سياسية أوقفت المعركة

بعد نحو عشرة أيام على فشل “قمة طهران”، أعلن الرئيسان التركي أردوغان والروسي بوتين في “قمة سوتشي” إيقاف المعركة على إدلب ومحيطها المحرر استجابة للموقف التركي والأممي، فيما أكّد نظام الأسد موافقته على مخرجات قمة “بوتين – أردوغان”.

المعركة العسكرية التي مهدت لها روسيا وحلفاؤها قبل شهر ونيف بالهجوم على إدلب، كان كثيرون يتوقعون وقوعها خلال وقت قصير، لكن ثمة حسابات سياسية كانت كفيلة بإيقاف مسار المعركة، والخروج بحزمة تداعيات، يأتي في مقدمتها:

ــ ترحيب نظام الأسد بالاتفاق بين بوتين وأردوغان، رغم تأكيداته السابقة على مواصلة معركة إدلب، ورفضه للضغوط الأممية، إلا إنه يفتقر لاستقلاله في اتخاذ القرار، نظرا لاختبائه تحت عمامة الملالي وأجنحة الطيران الروسي.

ــ إدراج معركة إدلب ضمن استراتيجية الروس في قضم كل ما يمكن قضمه من الأرض السورية، لتصطدم بمصالح الشريك التركي الذي يلعب دورا بارزا في هذه المنطقة، وهو ما يعني امتلاك أنقرة صلاحيات واسعة في القرارات على الصعيدين العسكري والسياسي المتعلقة بهذه المنطقة.

ــ اعتبار معركة إدلب رهينة حسابات سياسية دولية وإقليمية، وجميع هذه الحسابات تصب على الأغلب في مصلحة أنقرة، التي تمتلك دعما سياسيا تقف خلفه دول كبرى كالاتحاد الأوربي ومن جانب آخر الولايات المتحدة، ومن هنا يمكن فهم القرارات الروسية المتعلقة بمعركة إدلب.

ــ تذبذب الموقف الإيراني حيال المشاركة بمعركة إدلب، يعكس الحسابات والمواقف السياسية، وهذه الأخيرة لعبت دورا خبيثا في رفض المشاركة بمعركة إدلب تحت دعاوى ومبررات إنسانية!

ــ اعتراض الأمم المتحدة على معركة عسكرية واسعة في إدلب، ودائما ما كانت تتبنى على لسان مبعوثها الخاص لسوريا “ستيفان ديمستورا” وجهة النظر الروسية، وكان من نتائجها أن تجاوزت موسكو أي دور للأمم المتحدة في اتفاق سوتشي الأخير، مع أن الأصل أن تقف الأمم المتحدة إلى جانب قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالملف السوري.

ــ إدراك روسيا، أن معركة إدلب ستشكل ضربة كبيرة لميليشيا الأسد، وستؤدي إلى تغيير موازين القوى على الأرض لصالح فصائل الثورة المدعومة تركيا، وهو ما يفسر تراجع موسكو عن عدوانها على إدلب نتيجة ما يترتب على ذلك من كلفة سياسية وبشرية ومادية في حال وقوع المعركة.

بالمجمل، ساهمت الحسابات السياسية مع أردوغان في التمسك برؤيته لمواجهة التحركات السياسية الروسية والاستعداد لدعم فصائل المعارضة المسلحة مما سيدخل المنطقة في أتون معركة مفتوحة طويلة الأمد لا يتحمل الروس كلفتها.

سياقات نصوص القمّة

يبدو جليا أن عمل الثنائي “الروسي – التركي” يتمحور حول إنهاء الحرب في إدلب وفق اعتبارات القوة على الأرض والمصالح الإقليمية والدولية، انطلاقا من  خارطة  نظرية تتضمن رؤية لمراحل الحل، استكمالا لـ”آستانا”، لكن عمليا لا ينحو الوضع وفق هذه الخارطة، وإنما وفق اعتبارات مصالح دولية وإقليمية لا تريد حسم الحرب أو توقفها على مستوى المشهد السوري، فالمصالح الغربية تقاطعت مع مصالح تركيا في إيقاف معركة إدلب، وتحديدا بعد التهديد الذي سيطال مصالح روسيا في سوريا. فيما تعطلت الرؤية الشاملة لتسوية جادة بعد أن ركزت على إيقاف تهديد الروس ضد إدلب.

وفي نصوص “سوتشي”، توصل بوتين وأردوغان إلى خريطة طريق لحل معضلة إدلب، تضمنت بنودا رئيسية بينها: إقامة منطقة عازلة بين نظام الأسد وفصائل المعارضة بعرض بين 15 و20 كيلومترا، على أن تشكل المنطقة قبل منتصف الشهر المقبل وتنتشر الشرطة الروسية بخطوط التماس مع قوات الأسد والجيش التركي من جهة المعارضة، إضافة إلى نزع السلاح الثقيل من هذه المنطقة مع بقاء المدنيين. وتضمنت خريطة الطريق إعادة فتح طريقي “حمص – حلب”، و”اللاذقية – حلب” بحماية الجيشين الروسي والتركي، وأيضا محاربة الإرهابيين وإعطائهم المجال للانسحاب إلى مناطق أخرى، إضافة إلى عودة رمزية لنظام الأسد قبل منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

بالنتيجة، ستحصل المناطق المحررة مبدئيا على مكسب يمنع هجمات الطيران الروسي العشوائي التي تستهدف المدنيين قبل العسكريين، ولكن بعد تطويق المناطق المحررة بنصوص سوتشي،  سيكون أولاً: قد انتزعت سوريا المفيدة لصالح موسكو وطهران، وثانياً: أمنت تبعات الهجمات التي تشنها المعارضة السورية المسلحة ضد قواعدهم العسكرية وبالأخص قاعدة حميميم الجوية التي تحتلها روسيا. وما دون ذلك تفاصيل لا تلح عليهم كثيرا لإيقاف الحرب. هذا إن لم يكن في صالحهم استمرارها لاستنزاف كل الأطراف.

 تركيا، استحقاقات ما بعد إيقاف المعركة

ضاعفت تركيا من جهودها الرامية إلى ترتيب وضع إدلب، للحفاظ عليها في دائرة نفوذها وإبعاد شبح الحرب عنها، ولكن سلطات الاحتلال الروسي ترى في إشراف أية جهة على منطقة إدلب، عدا نظام الأسد، “تفريطًا سياديًّا”، وهو مبرِّر وذريعة للحؤول دون وقوع المنطقة خارج دائرة احتلالهم الفعلي، التي تضمن توظيف كل المناطق التي دمرتها طائراتهم الحربية في إعادة الإعمار، باستغلال المساعدات الإنسانية الدولية والعائدات المالية المتنوعة لسوريا في حال توقفت الحرب.

ولكن تركيا نجحت في تجنيب إدلب عدوان الروس ونظام الأسد، وكان الإعلان عنها بمثابة ضربةً استباقية غير متوقعة وصادمة لأولئك الذين ينتظرون مجزرة إدلب، ويعيبون على “أردوغان” تجنيب 4 ملايين سوري محرقة الروس والأسد. ولكن يبقى التحدي الأبرز أمام الأتراك تطبيق الاتفاق في منطقة تضم عشرات الفصائل المسلحة جلها تخشى خداع الروس وغدر نظام الأسد قياسا لتجارب سابقة قريبة، وقد كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بعض تفاصيل الاتفاق، موضحاً أن المنطقة الآمنة ستكون ما بين 15 و25 كيلومتراً على الحدود الفاصلة بين إدلب ومناطق نظام الأسد، وستكون خالية من السلاح الثقيل، مع بقاء المعارضة فيها بالسلاح الخفيف، وطرد المتطرفين من المنطقة. وأعلن خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في أنقرة، أن حدود المنطقة سيتم تحديدها عبر اجتماعات فنية تقنية تجري بين الطرفين التركي والروسي، مؤكداً أنه سيتم فتح الطريقين الدوليين حلب – حماة، وحلب – اللاذقية قبل نهاية العام الحالي.

وأوضح أوغلو أنه اعتباراً من 15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل سيتم إخراج الأسلحة الثقيلة من المنطقة منزوعة السلاح في إدلب، وستتخذ روسيا تدابير لمنع دخول النظام إلى إدلب ولمنع وقوع هجوم عليها، مشدداً على أنه وفقاً لاتفاق سوتشي ستتم المحافظة على حدود إدلب، والجميع سيبقى في مكانه. وأضاف: “المعارضة ستبقى في هذه المنطقة (إدلب) وكذلك المدنيون سيبقون، والمجموعات الإرهابية فقط هي من سيتم إخراجها، وسيتم إخلاء المنطقة من الأسلحة الثقيلة من قبيل الدبابات وراجمات الصواريخ، ولكن الأسلحة الخفيفة ستبقى بأيدي بعض قوات المعارضة المعتدلة”. وتابع: “سيتم وقف إطلاق النار، ولن تتم مهاجمة إدلب، وأيضاً لن يكون هناك استفزازات لمناطق أخرى انطلاقاً منها”. وقال إن طائرات من دون طيار تابعة لتركيا وروسيا، ستقوم بتنسيق دوريات في المنطقة منزوعة السلاح بين مناطق النظام والمعارضة في إدلب، معلناً أن وحدات المخابرات والأمن التركية والروسية ستبحث وضع الجماعات المتشددة في إدلب.

وبقراءة عميقة لبنود الاتفاق المعلنة يمكن الخروج بنتائج أولية تفيد أن الاتفاق بتفاصيله ستقوم بتنفيذه روسيا وتركيا مما يعني عمليا تأجيل عودة نظام الأسد إلى شمال غربي سوريا التي باتت مؤقتا تحت الرعاية التركية، فيما حقق الروس الجانب الأكبر من مطالبهم في نزع السلاح الثقيل من المنطقة العازلة، وفي حال رفض الفصائل يتم إبعادهم عن المنطقة العازلة مسافة لا تقل عن 20 كم ومن ثم في مرحلة لاحقة تجريدهم من هذا السلاح وإلّا سيدرج الفصيل الذي لا يقبل الاتفاق بــ”الإرهاب”، وبالتالي تمكنت روسيا بجهود الشريك التركي من تأمين القاعدة الروسية في منطقة حميميم على الساحل السوري، ونقل المعركة إلى حاضنة الثورة بعيدا عن خطوط المواجهة مع نظام الأسد بفعل الاتفاق الذي سيؤمن مساحة جغرافية معتبرة، تمنع أي هجمات للمعارضة على النظام، وكذلك فتح الطرق الدولية إلى مدينة حلب، وضمان عدم مهاجمة فصائل المعارضة للمناطق التي يسيطر عليها النظام، كما أن موسكو نجحت في إلزام الأتراك بإيجاد حلول لمشكلة “هيئة تحرير الشام”، وهو ما سيرفع العتب الغربي عن موسكو في حال قررت العدوان على إدلب.

وبذلك فإن تركيا بحسب سياقات بنود الاتفاق الخاسر الأكبر بعد المعارضة في حال تغلغل الروس ونظام الأسد في المنطقة المحررة تحت ذرائع مختلفة، ومن يخسر إدلب ومحيطها المحرر سيتنازل عن باقي المناطق التي اعتبرتها أنقرة عمقا لأمنها القومي.

إيران، الحاضر الغائب عن القمّة

أبدت إيران موافقتها على مخرجات سوتشي في لقاء القمّة الذي غابت عنه طوعا والذي جمع بوتين وأردوغان تحت دعاوى سياسية وإنسانية، لكن الأهم من كل ذلك هل تؤمن إيران بالحل السياسي، وهل ستلتزم بالتسوية السياسية في إدلب أو سواها؟

من يعتقد أن الحل السياسي ممكن مع ميليشيات إيران، فعليه إعادة قراءة المشهد السياسي والعسكري في سوريا خلال سني الثورة، والدور الذي لعبته تلك الميليشيات الشيعية ولا تزال ضمن هذا المشهد، وكيف أنها استخدمت العنف المفرط  ضد السوريين، وأساليب سياسية حققت من خلالها السيطرة على مفاصل نظام الأسد.

وثمّة شواهد كثيرة تكشف انتفاء لغة السياسة والحوار من القاموس السياسي الإيراني، لذا تراها تتمسك بالتقية السياسية كوسيلة لكسب الوقت والتوسع العسكري والاستهلاك الإعلامي، فقد تنصلت من اتفاقيات وهدن مختلفة بتواطؤ إقليمي وأميركي، قبل أن تتبدل أشرعة السياسة الأميركية في ظل إدارة الرئيس الأميركي ترامب الذي انقلب على العبثية التي تمارسها إيران في المنطقة، مما اضطرها لاستغلال انتكاستها السياسية في سوريا لتسويق قبولها بالتسوية السياسية في إدلب وهي بلا شك مخاتلة سياسية تفرضها ظروف راهنة أجبرتها على كسب ودّ تركيا باعتبار أن استراتيجيتها مع تركيا أهم من إدلب، وكذلك رغبتها في إحراج روسيا ومنعها من تنفيذ عملية إدلب، والتي تعني بالنسبة لإيران الانتهاء من موضوع المعارضة السورية المسلحة، والتفات الروس تاليا لإضعاف إيران في سوريا.

الشواهد المتوالية تشير إلى استحالة أي تسوية سياسية مع إيران، وما خسرته سوريا تحت قوة السلاح، لن تعيده إليها طاولة المفاوضات، وفيما تركت إدلب للراعي الروسي والشريك التركي فإنها تفرغت لمشروعها الطويل الأمد للتغلغل في سوريا.

مآلات الاتفاق على فصائل المعارضة

 كشفت المظاهرات العارمة في الشمال السوري المحرر على  مدار أسابيع أنّ الثورة حية في النفوس، وما أحدثته من تغييرات أصابت الواقع الاجتماعي السوري، لا تسمح بالعودة إلى حظيرة الأسد، ومن الواضح للمتابع أن ما يجري في إدلب بعد اتفاق “أردوغان – بوتين” يستدعي الوقوف على الانقسامات العميقة التي عصفت وتعصف بالثورة، مصحوبة بهجوم تقف من خلفه المصالح الدولية والإقليمية، وتغذيه الخلافات داخل الصف المعارض الساعي إلى التغيير.

الآن، وبعدما اتضحت خطة الطريق الروسية–التركية، المعارضة المذبذبة لا تريد البحث في تفاصيل هذا الاتفاق لأنها لا تملك قرار نقاشها لارتهانها للدول الداعمة المؤيدة بأغلبيتها لرؤية موسكو بحسب ما تفرضه مصالحها. ولكن ثمة مواقف متباينة لفصائل المعارضة حول تفسير بنود الاتفاق فــ”الجبهة الوطنية” لا تملك موقفا موحداً من الاتفاق الروسي التركي، لكن مؤيدوها قلقون من البنود والتفاصيل اللاحقة للاتفاق، ويشككون في وفاء النظام وروسيا بتعهداتهم بوقف القصف والاجتياح في حال تم تطبيق البنود الرئيسية؛ سحب السلاح الثقيل، والتخلي عن خطوط التماس، فيما تفاءل مؤيدو “فيلق الشام” وبعض الأجنحة في “الجبهة الوطنية”، بالاتفاق، وقللوا من أهمية البنود الخاصة بنزع السلاح الثقيل، وأكدوا أن الحال لن يتغير كثيراً، وكل ما في الأمر هو الابتعاد كيلومترات عن خطوط التماس لإنشاء المنطقة العازلة،  فيما أعلنت “هيئة تحرير الشام” عن رفضها القاطع لتسليم سلاحها، وترك جبهات القتال التي حصنوها خلال الأشهر الماضية، وشككوا بمصداقية النظام وروسيا في تطبيق الاتفاق، واعتبروا أن الاتفاق مقدمة لإنهاء الثورة، و”الجهاد”، ما سيسهل عودة إدلب للنظام من دون أن يتكلف عناء القتال، ومن الواضح أن ورقة البنود ذات الصلة بالفصائل المسلحة تصف أي فصيل يرفض تسليم سلاحه الثقيل بــ”الإرهاب”.

من هنا، قد حان الوقت لتكريس الجهود في تعميق الخط الثوري ورأب الصدوع للتصدي لحالة الاستقطاب السياسي الذي مزّق الثورة وفتح الباب على مصراعيه أمام التدخلات الإقليمية والدولية، وإلا فإن الروس يعملون على ظروف ملائمة لإجهاض ما تبقى من ثورة في الشمال السوري من خلال خلق مجال خصب لتنامي المشاريع الصغيرة المضادة للثورة تحت مسميات مختلفة  كـ “رجال المصالحات” الذين يستنزفون إرادة قوى الثورة في الشمال السوري، مما يستوجب تضافر الجهود الثورية تجنبا للفشل الأمني والاجتماعي والبنيوي الذي أصاب قوى الثورة على المستويين السياسي والعسكري في غوطة دمشق والجنوب السوري ومناطق أخرى في عملية اختراق أمني لنظام الأسد أنهت الوجود الثوري في تلك المناطق الاستراتيجية.

وعليه يتوجب على المعارضة التي أقصيت عن “قمة سوتشي”، أن تتمسك بقرارات جنيف، مما يتطلب تناغما بين الداخل والخارج على مستوى الإدارة الذكية لقوى المعارضة، وإلزام الفصائل المسلحة بالتوقف عن تقديم تنازلات تتعلق بقبول كل بنود الاتفاق مجانا بانتظار ما سيؤول إليه تبدل المصالح الدولية.

المصدر: بلدي نيوز

مقالات ذات صلة

USA