مالك الكردي
✍️ مالك كردي
عقب احداث الثمانينات من القرن الماضي ساد مصطلح اخونجي وبات يتردد كثيرا في أوساط العلويين ،وكان يستفزنا كثيرا رغم ان لا احدا ينتمي لهذه المجموعة التي باتت محظورة ، ولكن استخدام المصطلح كان يوجه بأسلوب يوحي أنه يتعمد كل مسلم سني ، فمثلا عندما يجري الحديث عن ادلب كان احدهم وبدون اي حرج يقول ( كل محافظة ادلب اخونجية ) او عندما تذكر منقصة كأن يذكر اسم مرابي حلبي ذاع صيته في عملية استجرار اموال ونصب واحتيال فإنهم بالحال يقولون هذا اخونجي في اشارة واضحة انه سني والسنة سواء .طبعا استحضرت ماسبق وانا أرى حجم استخدام المصطلحات المستفزة التي يستخدمها كثيرين في الثورة متناقضين مع مبادئها والتي تتجلى في الثورة على كل خطأ كان يمارسه نظام الاسد ومن يواليه وتقديم الصورة الصحيحة لهم ليقتدوا .
ومع انطلاقة الثورة استطاع النظام اخافة الطائفة العلوية بفزاعة السنة عبر اختلاق حوادث وقصص وتلفيق حكايا ، ولكن لم تمض فترة بسيطة الا وتم تأكيد هذه المخاوف من قبل الثورة حين قادها الاستفزاز ووقعت في الفخ الذي نصب لها واخذت تنتهج خطابا طائفيا بوصف النظام بالنصيري والجيش النصيري و …. رغم ان هذا النظام واجهته حكومة اغلبها سنية والجيش ادواته التنفيذية هم عناصر سنية ، مما اعطى طابع الحرب الطائفية التي لايتعاطف العالم معها ، وكان حري بالثورة ان تلتزم الخطاب الاعلامي بوصف النظام بالاجرامي والارهابي وهي مصطلحات يفهمها الغرب والعالم اجمع .
وعندما خرج تنظيم ال بي واي دي المطابق لتنظيم البي ك ك وان كانت اعداده حينها محدودة جدا وتأثيره يكاد لايذكر ولكنه اخذ بسحق نشطاء الثورة بين الاكراد وكثيرا كان يتردد في صفوف الثوار اننا نمر على حواجزهم فلا يعترضونا او يمنعونا من المرور ولا يعترضوا الثائرين من العرب انما تركيزهم على منع العنصر الكردي من التظاهر او اي نشاط معادي لنظام الاسد ، ولم يقم الثوار من المناطق الاخرى بنصرة الثوار الاكراد ، وبقي الحال الى اليوم الذي تصادم فيه لواء احرار سورية مع تنظيم البي واي دي في الشيخ مقصود ولن اتحدث بوقائع الحادثة ولكن اشير الى الخطاب الاعلامي للثورة الذي اخذ يشير الى الاكراد بعمومهم ونقلوا المواجهة معهم دون معرفة طبيعة المجتمع الكردي المسلم في غالبيته والذي يرفض بالاصل هذا التنظيم الماركسي ، ومازال خطاب الثورة موجها الى الاكراد بعمومهم بإضافة اللازمة ( الكردي ) كأن يقول (تنظيم قسد الكردي ) مع ان معظم هذا التنظيم من العرب ، او تنظيم بي واي دي الكردي مع ان اغلب الاكراد لاتواليه وان ١٠١ حزب كردي ليسوا الا صورا امام قوة هذا التنظيم المدعوم ايرانيا ، وكان حري باعلام الثورة الابتعاد عن هذه اللازمة المستفزة لكثير من الاكراد الذين يعملون في صفوف الثورة ، وكذلك استخدام لازمة القرباط عند ذكر الاكراد متناسين ان الكثيرين في الثورة هم من اصول كردية متوزعين بين مناطق سوريا واثنياتها ويستفزهم هذا الربط بين الكردية والقرباط وبين الاحزاب المدعومة ايرانيا .
ومع انطلاقة الحراك الثوري في السويداء وبشهادة الجميع انه الاكثر تنظيما وقيادة ولكن يقع من جديد بعض افراده في اخطاء المصطلحات ويردد بعضهم مصطلح (الاخونجي والوهابي ) بقصد او دون معرفته بابعاد هذه المصطلحات وهم الشريحة الاعم ، وبذلك يخسرون تعاطف الكثير الذين يجعلون الحراك بين الشك واليقين ، ولعل حتى كثيرين من السنة لايدركون ابعاد استخدام هذه المصطلحات في هذا التوقيت .
فالاخوان المسلمون حزب له عمق في المجتمع السوري وان لم يكن حاضرا بتنظيمه وكان ضحاياه اكثر من اربعين الفا من كوادر الحزب او من المدنيين الذين تم قتلهم باسم الحزب و هؤلاء جميعا لهم حلقة واسعة من الاقارب والجيران ويستفزهم هذا الوصف المقرون بالخبث والدهاء والتبعية لان ذاكرتهم تستحضر بالحال شهدائهم الذين قضوا وهم من اخيار مجتمعهم ، ومن غير المقبول هذا التهجم الواسع على مجتمع نال الكثير من الظلم لأن قيادة الحزب الحالية قدمت نوعا من الانتهازية والقفز على الثورة وساهمت بتعثرها ، وكان ينبغي مواجهة القيادات وليس التعميم في وقت لم نشهد اي هجوم على حزب البعث رغم تاريخه المولغ بالدم السوري .
الامر نفسه في اطلاق وصف الوهابية دون المعرفة بأنها هي السلفية وان استخدام المصطلح ( الوهابية ) لم يكن بريئا من قبل اجهزة استخباراتية لربط هذه الحركة بحركة حملت نفس المسمى يقودها لص ومعه مجموعة من قطاع الطرق سبقت دعوة محمد عبد الوهاب الاصلاحية بقرون ، كما ان السلفية تحمل انواعا وفقها واسعا لايمكن اختزالها في السلفية الجهادية ولا السلفية الجهادية يمكن اختزالها بتنظيم القاعدة ، كما أن السلفية بات لها انتشار واسع ولعل محافظات سورية اصبحت تحمل هذه السمة حيث حلت مكان الصوفية التي حملت لقرون كثيرا من المعتقدات التي يراها شباب العصر انها تناقض العقل والمنطق ، واستطيع القول ان السمة العامة لابناء المدن وكثير من الارياف السنية في محافظة اللاذقية وحمص ودرعا ودمشق باتوا ممن يرون في كثير من افكار هذه الحركة اصلاحا وتصحيحا لموروث كبير من الخطأ .
واذ استعرض ماسبق ليس للحكم او المقارنة بين خطأ الفكرة او صوابها ولكن هو استعراض لفهم الضرر الذي يقع على الثورة من استخدام المصطلحات وتمزيق في بنية المجتمع في وقت نحن احوج مانكون فيه الى اعادة الرتق والتوحد نحو الهدف الواحد الذي يجمعنا وهو اننا بحاجة الى نظام عصري ينهض بنا من سباتنا ويوقف تقهقرنا .