.
حصل مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني على الجائزة الفرنسية الألمانية لحقوق الإنسان لهذا العام، وقامت بتسليمها له سعادة السفيرة برجيت كرومي السفيرة الخاصة لدى سوريا، وذلك بالنيابة عن الحكومتين الفرنسية والألمانية، وذلك على هامش يوم حقوق الإنسان الذي يصادف 10/كانون الأول من كل عام، وهو اليوم الذي تمَّ فيه اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتهدف الجائزة الفرنسية الألمانية لحقوق الإنسان وسيادة القانون لتكريم المنظمات والأفراد الذين قدموا مساهمةً بارزةً في حماية وتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون في بلادهم وعلى المستوى الدولي، وعادةً ما يتم ترشيح المرشحين من قبل البعثات الدبلوماسية الألمانية والفرنسية في جميع أنحاء العالم، ويتم اختيار القرار النهائي من قبل لجنة خاصة.
وفيما يلي الكلمة التي ألقاها مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان في هذه المناسبة: سيداتي وسادتي، السفراء الموقرون، والضيوف الكرام، والزملاء المدافعون عن حقوق الإنسان، إنني أقف أمامكم اليوم مع امتنان وشكر كبير، ولكن مع شعور أكبر بالمسؤولية.
أنا فضل عبد الغني المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان. إن التواجد هنا في هذا التجمع الموقر، والاحتفال المهم، والحصول على الجائزة الفرنسية الألمانية لحقوق الإنسان ليس مجرد شرف لي شخصياً، بل هو اعتراف بالجهود الحثيثة التي يبذلها فريقنا بأكمله في الشبكة السورية لحقوق الإنسان. أولاً وقبل كل شيء، أودُّ أن أعرب عن خالص شكري للجنة الجائزة الفرنسية الألمانية على هذه الجائزة المرموقة.
كما أعرب عن امتناني للحكومتين الألمانية والفرنسية لدعمهما الدائم واهتمامهم بعملنا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان. مع بدايات الحراك الشعبي في آذار/2011 وبدء سقوط القتلى واعتقال مئات المواطنين، تولد لدي خوف من ضياع بيانات الضحايا والمختفين قسرياً، وهذا ما دفعني إلى تأسيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان في حزيران/2011، وهو ما عملنا عليه بشكل يومي وعلى مدى ثلاثة عشر عاماً، قمنا استناداً إلى منهجية عمل جدية، ببناء قاعدة بيانات مركزية، وأصدرنا إحصائيات وتقارير بناءً عليها.
أصبحت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مصدراً أساسياً للعديد من هيئات الأمم المتحدة مثل لجنة التحقيق الدولية، المفوضية السامية لحقوق الإنسان، آلية التحقيق المستقلة، اليونيسيف، وفي محكمة العدل الدولية، وفي المحاكم الأوروبية، ومرجعاً وشريكاً مع العديد من المنظمات الدولية.
وكذلك في المجلات المحكمة والأبحاث الأكاديمية، وأخيراً للعديد من دول العالم، ولوسائل الإعلام المحلية والدولية. على الرغم من جهود التوثيق الحثيثة والأدلة الدامغة التي لدينا، ما زال الإفلات من العقاب هو سيد الموقف في سوريا، يجب ألا ننسى أبداً أنَّ النظام السوري ارتكب العديد من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ضد الشعب السوري، وبالتالي فهو فاقد للشرعية أولاً، وثانياً يجب على جميع دول العالم محاربة هذه الجرائم.يجب أن نتذكر في هذه اللحظات 12 مليون مشرد قسرياً، و152 ألف معتقل تعسفي أو مختفٍ قسرياً، وأكثر من ربع مليون مدني قتيل، كل هؤلاء وأهلهم ينتظرون منا جهوداً متواصلةً لمحاسبة كافة مرتكبي الانتهاكات وفي مقدمتهم النظام السوري، نحن نعمل مع الضحايا ومن أجلهم.
ولا يمكن إيجاد حل للكارثة السورية دون جهد جماعي من المجتمع الدولي، وتعد الشراكة الفرنسية الألمانية التي تجسدها هذه الجائزة مثالاً ساطعاً على هذا التعاون.
واليوم أحث المجتمع الدولي على تجديد التزامه بإيجاد حل سياسي يضمن انتقالاً نحو الديمقراطية، وهذا الالتزام يقتضي أن يكون المجتمع الدولي عامل تغيير وليس مجرد أصوات إدانة. هذه الجائزة ترمز إلى أكثر من مجرد تقدير؛ إنها تؤكد على أولوية الاهتمام بحقوق الإنسان، والتي أتمنى أن تكون متساوية في جميع البلدان والنزاعات، بغض النظر عن الأجندة السياسية.
وبينما أقبل هذه الجائزة، فإنها تدفعني نحو مزيد من الالتزام بقضية حقوق الإنسان في سوريا، وتحقيق الانتقال الديمقراطي.
وإن الطريق لتحقيق ذلك طويل ومليء بالتحديات، ويجب علينا الاستمرار فيه حتى النهاية، والبناء على شجاعة الشعب السوري في تحدي الاستبداد، وأيضاً من أجل حقوق ملايين الضحايا.
أشكركم مرةً أخرى على هذا الشرف العظيم، وعلى دعمكم المستمر، وأتطلع إلى مزيدٍ من النقاش والتعاون معكم.