القدس العربي:14/2/2021
ولا تقتصر الفوضى على منطقة ريف حلب الشمالي التي وسمت باسم معركة “درع الفرات” وإنما تتعداها لتشمل منطقة عفرين أيضا، وهناك تعتبر منطقة الشيخ حديد الأكثر انضباطا أمنيا، ولكنها الأكثر تسجيلا لحالات الانتهاكات حسب ما ترصد تقارير حقوقية.
ففي تقريره المعنون “مؤشرات الاستقرار الأمني في سوريا والعودة الآمنة” الذي أصدره “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية” نهاية العام الماضي، رصد المركز الوضع الأمني في مدينتي عفرين وجرابلس وحوادث الاختطاف والاعتقال خلال الفترة الممتدة بين تشرين الأول (أكتوبر) 2019 حتى آذار (مارس) 2020
فقد أشارت مصادر أمنية في المنطقة لـ”القدس العربي” ان علاقات المصاهرة بين مقاتلي التنظيم ومدينة الباب “تزيد عن 1400 امرأة” وهذا مرده إلى ضعف البنية الاجتماعية وهشاشتها وربما تكون المدينة وريفها أكبر المدن “المصاهرة” للتنظيم على الإطلاق.
وبالإضافة إلى استهداف عناصر الجيش الوطني وقوات الأمن الوطني والشرطة، ركز التنظيم هجماته على المكاتب العقارية، كونها تقوم بمشاركة عقود المنازل الموقعة مع المجلس المحلي وقوات الأمن الوطني، وهو ما عرض خلايا التنظيم إلى انكشاف أمني من خلال حلقة الوصل بين العاملين في المكاتب العقارية والسماسرة وقوات الأمن.
وتلقى أصحاب المكاتب العقارية في مدينة الباب تهديدات مباشرة من عناصر وخلايا التنظيم، سواء من خلال رسائل مباشرة بحضورهم إلى المكاتب وتوعد أصحابها في حال الإخبار عن عناصر التنظيم، أو من خلال وضع رسائل ورقية أمام المكاتب، الأمر الذي أدى إلى هجر أغلب أصحاب المكاتب مهنتهم.مؤخرا، أصدرت قوات الأمن الوطني قرارا يشدد القيود على تحويل الأموال لدى “مكاتب الصرافة” وطالبتهم بعدم تسليم أي حوالة إلا إذا أشهر صاحبها “الهوية الشخصية” المعتمدة لدى أمانة السجل المدني في الباب ووقف التعامل بجوازات السفر والهويات الشخصية السورية كونها تتعرض إلى تزوير كبير، وتسجيل الهويات وأرقامها والمبلغ المحول، وإيصال نسخة من قوائم التحويل إلى الشرطة، وهو ما أعاق الحركة المالية لخلايا التنظيم بشكل كبير، وأوقع القرار أصحاب مكاتب الصرافة في حالة إرباك شديد، فهو سيعرضهم إلى خطر أمني من أحد الجانبين.
ترحين ومخيماتهابالقرب من الباب تعتبر منطقة ترحين ومخيماتها منطقة نفوذ وعمل لخلايا تنظيم “الدولة” فالمخيمات التي تضم قرابة 20 ألف نسمة، هي تقريبا خارج سيطرة الجيش الوطني وقوات الأمن العام حيث تتجنب دخوله أو الاقتراب منه.الأمر الأخطر في نشاط خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” هو استيعاب المقاتلين السابقين في أغلب فصائل الجيش الوطني وإيلاء بعضهم مناصب أمنية في الفصائل، عدا عن ضم بعض المقاتلين العراقيين إلى أحد فصائل المنطقة الشرقية.
فاختراق التنظيم للجيش الوطني لا يقتصر على الفصائل وانما يتعداه إلى الشرطة العسكرية والأمن وفرع مكافحة المخدرات والشرطة. وهو ما يجعل تسريب المعلومات من داخل الأجهزة الأمنية سهلا للغاية. وفي حال نجاح التنظيم في اختراق كامل أجهزة الامن الوطني، علينا تخيل الوضع في باقي الإدارات. ولعل حصول وائل والي الرقة في تنظيم “الدولة الإسلامية” السابق، فايز العكال، على هوية شخصية باسم جديد، هو أكبر دليل على ان التنظيم قادر على الحصول على وثائق رسمية بسهولة وهذا يسهل عمله بشكل كبير.
وفي تقييمات غير دقيقة يمكن القول ان المقاتلين السابقين القادمين من تنظيم “الدولة” يشكلون نسبة 5 في المئة من التعداد الكلي للجيش الوطني والشرطة.ويلعب العامل العشائري والاجتماعي دورا سيئا للغاية في استيعاب مقاتلي التنظيم بدون أي شروط أو محاولة تأهيل. حيث يقوم الأقرباء باحتضان أقاربهم من العناصر السابقة دون أي وسيلة للتحقق من انتمائهم للولايات الأمنية من عدمه.
يضاف الفساد الذي ينخر مفاصل الجيش الوطني إلى أهم أسباب الفوضى، فعدد كبير من القادة هم المسؤولون عن تهريب عناصر التنظيم من شرق سوريا إلى المنطقة مقابل المال، كما يقومون بإطلاق سراح عناصر الخلايا المعتقلين لديهم مقابل مبالغ مالية طائلة. ولا يتوقف الأمر هنا، بل يبيعون الصواريخ المضادة للدروع والأسلحة والذخائر للتنظيم عبر تجار سلاح يؤمنون عبورهم إلى مناطق سيطرة قسد او النظام ومنها يوصلون السلاح إلى بادية الرقة الجنوبية