وكالة زيتون – خاص تعيش الهيئة العليا للتفاوض حالة من الحراك في الفترة الأخيرة وخاصةً في ظل أحاديث وتسريبات كثيرة تتحدث عن خلافات وعن انتخابات قادمة ودخول مكونات جديدة لجسم المعارضة، وللإطلاع على عمل الهيئة وعلاقاتها مع مختلف المكونات المحلية والإقليمية والدولية كان لنا هذا الحوار المطول مع الدكتور “نصر الحريري” رئيس هيئة التفاوض السورية–
ماذا تحدثنا عن موضوع إنتخابات الهيئة العليا للمفاوضات ..ولماذا تأجلت وهل ستقام قريبا؟
بالنسبة لإنتخابات الهيئة كان يجب إجراءها في شهر تشرين الثاني لعام 2019 وكانت مطروحة على جدول الإجتماع الدوري للهيئة وكانت رغبتي الشخصية كرئيس الهيئة أن تتم في ذلك التاريخ ولكن كانت رغبة مكونات الهيئة أن يتم التأجيل وتم التصويت على القرار باعتبار قرارات الهيئة يتم إقرارها بالتصويت المفتوح وكانت النتيجة التأجيل بالرغم من أنني ومنصة موسكو فقط صوتنا مع رفض التأجيل وتم التأجيل لمدة ٣ أشهر.وخلال فترة التأجيل تطورت الأوضاع إلى اتجاه سلبي بسبب خلافات داخلية في وجهات النظر وكانت سلبية على الهيئة مما جعلها عاجزة على إجراء إنتخاباتها مما دعا لإجراء إجتماعات مكثفة مع المكونات وتوصلنا عبرها إلى عقد إجتماع عام في 29/3/2020 ونحن حاليا التحضير للإنتخابات التي ستكون خلال شهر حزيران.والإنتخابات استحقاق مطلوب ولم يؤخره أحد وكل ما أُشيع منفي إنما بعض وجهات النظر هي التي أجلت هذا الاستحقاق وبتوافق الهيئة ستعود الأمور إلى حالتها الطبيعية.
– ماذا تحدثنا عن ما تردد بالإعلام عن ترشيح الأستاذ أنس العبدة لرئاسة الهيئة؟
فيما يشاع عن ترشيح الأستاذ أنس العبدة إلى رئاسة الهيئة فإن الهيئة يحكمها نظام داخلي وقوانين ناظمة وكل المكونات يمكنها ترشيح اعضاءها والاستاذ أنس موجود عضو في الائتلاف ويحق له الترشح بأسم مكونه في حال موافقته الشخصية وأيضا موافقة المكون الذي ينتمي إليه وفي النهاية حصوله على أصوات داخل الهيئة تؤهله على النجاح ففي هيئة التفاوض لا يوجد تعين لأحد إنما هناك قواعد قانونية الجميع ملتزم فيها.
– ما طبيعة الخلافات التي حصلت بالهيئة العليا للمفاوضات؟
لا يوجد خلافات عميقة بين مكونات الهيئة العليا للمفاوضات ولا يوجد أي تدخلات دولية بسياساتها الداخلية إنما يوجد خلافات في وجهات النظر تم مناقشتها بجهود المملكة العربية السعودية وعلى وجه الخصوص الوزير الجبير والسبهان بالتعاون مع المجموعة الدولية الداعمة لأعمال الهيئة وتم التفاهم على النقاط التالية المهمة وهي الحفاظ على وحدة هيئة التفاوض كممثل للشعب السوري في العملية السياسية وعدم التدخل بشؤونها الداخلية وتفعيل دورها بشكل فعال وإعادة تفعيل إجتماعاتها الدورية ضمن مكاتبها وإجراء إنتخاباتها بعدها يتم مناقشة كافة الإشكاليات وعلى رأسها الإشكالية التي حدثت في عقد اجتماع المستقلين في الرياض.
من يحق له الترشح لإنتخابات الهيئة العليا للمفاوضات ..ما الشروط؟
يحق لكل عضو من مكونات الهيئة الترشح وكل شخص فيها له الحق أن يترشح أو يرفض عدا الرئيس الحالي ونائبه وأمين السر وفقاً النظام الداخلي للهيئة، عملية التصويت تجري بعملية إنتخابية ديمقراطية شفافة وفق النظام الداخلي للهيئة، ومن يفوز وفق القواعد المتبعة للهيئة يعتبر هو الشخص الناجح بالإنتخابات، ولا يتم بطريقة التعيين ولا بالتكليف ولم يتم الإنتخاب بهيئة المفاوضات بعد، وهذا سيجري نهاية الشهر القادم أن شاء الله.
– حدثنا بشكل مبسط عن مكونات الهيئة ومكاتبها ومهامها؟
هيئة التفاوض مؤلفة من سبع مكونات فيها ثلاث مناصب رئيسية، وهي الرئيس ونائبه وأمين السر، والهيئة بنظامها الداخلي تقول إذا كان هناك قرارات سياسية يجب أن يكون هناك تصويت بأغلبية كبيرة يعني حوالي 73 بالمية من الأصوات، أما في القضايا الإجرائية ومنها موضوع الإنتخابات، فالأغلبية هي المطلقة أي نصف عدد الاعضاء النصف زائد واحد، بالتالي أي شخص يحوز على هذه النسبة يكون شخص ناجح بالإنتخابات، وعادة الهيئة تسعى أن يكون الأغلبية والجميع ممثل في المواقع الرئيسية واللجان الفرعية. -ماذا تحدثنا عن العلاقة بين هيئة التفاوض والمملكة العربية السعودية؟ المملكة العربية السعودية مشكورة على جهودها مع الهيئة، و كان للمملكة تفويض من المجتمع الدولي بتجميع أوسع طيف للمعارضة السورية، والحقيقة عملت هيئة التفاوض على أرض المملكة وكان من الناحية الإستراتيجية ملتزمة في بيان جنيف وقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ ودعم الحل السياسي وقدمت المملكة وتقدم الدعم الإنساني، وعملنا معها بتنسيق عالي بكل ما يتعلق بالشأن السوري لمدة سنتين ونصف وللأمانة لم نجد من المسؤولين السعوديين إلا كل إحترام وتقدير لإستقلالية عمل الهيئة وعدم التدخل بقراراتها وشؤونها وبالعكس عملت المملكة على تعزيز إستقلالية قرار الهيئة بما يسهل العمليات التفاوضية. ونحن عقدنا اجتماع نهاية السنة الماضية في الرياض وكان هناك حوار مستمر ومتواصل مع المسؤولين بالمملكة واتفقنا بنهاية الحوار على ضرورة استمرار عمل الهيئة واجراء إنتخابات ومناقشة جميع القضايا العالقة أمامها.
–ماذا عن علاقة الهيئة مع الدول العربية والإقليمية والأطراف الدولية؟
سعت الهيئة أن يكون لها علاقة قوية ووازنة مع جميع الدول المؤثرة بالملف السوري وقويّنا من خلال وجودنا بالهيئة العلاقات مع المملكة العربية السعودية ومع الدول العربية المؤثرة وحافظنا على علاقات قوية مع تركيا وكذلك مع دول أوربا والولايات المتحدة و نحن على تواصل دائم مع المبعوث الدولي” غير بيدرسون” وشاركت هيئة التفاوض بكل إجتماعات اللجنة المصغرة من أجل طرح رؤيتها وتثبيتها في كل نقاشات الحل السياسي بسوريا. -هل تم طرح من السعودية أو أمريكا لإضافة شخصيات من المكونات الكردية أو قوات سوريا الديمقراطية للهيئة العليا للمفاوضات من خلال إجتماعهم مع الأعضاء المستقلين من الهيئة؟ قال الحريري لم يتم فرض أي اسم أو جهة للإنضمام للهيئة ولم أسمع من المملكة أو الدول الأخرى فرض أي أسماء أو كيان والإجتماع مع المستقلين الذي بحث ذلك كان يتعلق بالآلية الناظمة للهيئة ولم يتطرق لفرض أي أسماء علينا، وهنا أشيد بدور الوزير السبهان بتحريك عمل الهيئة والعودة لممارسة عملها ومواجهة الإستحقاقات.
–هل ممكن أن يكون هناك دور لقوات سوريا الديمقراطية بهيئة التفاوض في المستقبل؟
” قسد “مسألتها معقدة وهذا سؤال معقد ونحن من الناحية المبدئية مع جميع من يعارض نظام الأسد ونرحب به في جبهة واحدة للوصول للحل السلمي وتطبيق اتفاق جنيف. ولكن مسألة قسد معقدة أكثر مما نتصور لأنها لديها مشكلة مع المكون الكردي نفسه، وهناك مشكلة من قسد اتجاه الشعب السوري ونظرتها للثورة السورية لأننا لم نخرج في ثورتنا للإنفصال ولأجندات لا تخدم الشعب. وكذلك لدى “قسد” مشاكل مع دول إقليمية مثل تركيا وغيرها” وحزب العمال الكردستاني مصنف إرهابيا وهو من مكونات قسد، وبالعموم فرض الإدارة الذاتية لا تنسجم مع طبيعة الدولة التي ننشدها وهو ما يواجه رفض من الثورة وقوى أخرى. وبالمحصلة هيئة التفاوض لا تسمح لقسد بدخول الهيئة طالما موجودة بهذا الفكر والتصرفات والحيثيات الذي ذكرناها آنفا.
– هناك من يقول إن قسد تسيطر على جزء كبير من سوريا هل يشكل ذلك ضغط على تمثيل الهيئة للمعارضة؟
المقاربة تقول إن الشعب السوري قام بثورة عظيمة وذلك غير مرتبط بمنطق سيطرة هذا الكيان أو ذاك على مساحات من الأرض مثل قسد فالسيطرة على جزء كبير من الأرض لا يعطي تمثيل، وهناك 14 مليون سوري خارج أراضيهم مهجرين وهم جزء من كبير من سوريا. وبالعموم مناطق السيطرة لا تمثل إرادة الشعب السوري وهيئة التفاوض تؤمن بتطلعات الشعب السوري ولا تفرض أي أجندات بقوة السلاح أو الترهيب، و نحن في المعارضة السورية مع سوريا ديمقراطية مدنية وهي المقبولة شعبياًوبالنسبة لقسد غالبية الشعب السوري يرى أنها ميليشيات لها أجندات ودعم من دول معروفة واستغلت ظروف الحرب ومحاربة داعش وفرضت مشروعاً انفصالياً لا يمت إلى الثورة بأي صلة.
ما تقييم هيئة التفاوض للعلاقة مع تركيا؟ وهل الخلافات السعودية التركية لها تأثيرها على عمل الهيئة؟
هيئة التفاوض السورية بالدرجة الأولى والأخيرة تمثل تطلعات الشعب السوري للوصول للحل السياسي ولكن هناك حاجة لبناء شبكة علاقات مع الدول الفاعلة ومنها السعودية وتركيا وذاك شيء ضروري، وهاتين الدولتين من أهم الدول التي لها مصالح كبيرة مع سوريا والشعب السوري. فنحن نرى أن سوريا جزء من المحيط العربي ونعتز بالدور العربي وتركيا دولة جارة ولها حدود طويلة مع سورياو استقبلت ملايين اللاجئين وهي فاعلة بالملف السوري ولها فعل وازن بالمنطقة. والهيئة حافظت على علاقات جيدة مع كل من السعودية وتركيا، والخلافات بين الدول تؤثر بطريقة أو بأُخرى بعمل الهيئة ولكننا استطعنا نحن في هيئة التفاوض أن نجنب أنفسنا هذه الخلافات وذلك بالتركيز على قضايانا الإنسانية والتركيز على أُسس الصراع وتركيز جهودنا نحو تطلعات شعبنا لتحقيق الإنتقال المنشود.
بالنسبة لإعادة النظام لجامعة الدول العربية ما رأيكم كهيئة بهذا التحرك؟
التحرك مرفوض ومستهان من قِبَلنا وخاصة على ضوء الوضع الإنساني المنهك للشعب السوري، كيف نبرر للدول العربية الإتجاه نحو نظام قتلَ أكثر من مليون من مواطنيه وشردَ الملايين كيف سيسوق النظام في الجامعة وهو متهم بجرائم حرب واستخدام للسلاح الكيماوي. وكذلك هناك قرارات صادرة عن الجامعة العربية تجاه النظام فكيف يمكن التراجع عنها بسهولة وقبول تسويق النظام. لا نريد من الجامعة العربية تشجيع النظام على الإستمرار بجرائمه وقتل المزيد من الشعب ولا يمكن للنظام أن ينجو من العقاب والجهود العربية التي تسعى لإعادة النظام لمقعده في الجامعة فشلت وستفشل في المستقبل. وهناك دول لها موقف مبدئي وشجاع ورافض تجاه عودة النظام لجامعة الدول العربية وتقول أن مقعد سوريا لن يعود إلا بالحل السياسي و تشكيل هيئة الحكم الانتقالي لأن مقعد سوريا هو ملك للشعب السوري وليس لنظام الأسد. وأكد الحريري نحن كهيئة مفاوضات تواصلنا مستمر مع الجامعة العربية والدول المؤثرة وفكرة عودة النظام بالمحصلة لا تلقى إجماع عند معظم الدول العربية مع كل جهود حلفاء النظام من الدول العربية لذلك.
– ما موقف هيئة التفاوض والثورة السورية من الإمارات وتقربها من النظام ؟
اليوم سوريا تسيطر عليها الميليشيات الإيرانية وفيها قوات روسية وبقايا نظام قاتل ومجرم ومعزول عن معظم الدول ومعظم دول العالم والمنظمات الدولية لا ترى بالنظام أي شرعية، لذلك نرى أي محاولة تطبيع مع النظام من أي دولة –مهما كان أسمها -لن تساهم بالوصول للحل السلمي والسياسي المنشودوأي دولة تقدم مساعدات إنسانية للنظام فهي تدعم إيران وميليشياتها بالوقت نفسه وتحرم الشعب السوري الحقيقي من المساعدات، والأولى بتلك الدول أن تقف مواقف صلبة تجاه الشعب وتمنع محاولات الإنفتاح نحو النظام المجرم والتجربة تقول أي دولة ستسعى نحو النظام سيثبت الوقت أن ذلك قرار خاطئ .
ما آخر مستجدات العملية السياسية وخاصة موضوع اللجنة الدستورية؟
نجاح العملية السياسية عموماً وعمل اللجنة الدستورية خصوصاً كل ذلك مرتبط ومتوقف بعوامل أولها أن تتواجد أطراف سورية مُؤمنة بالحل السياسي وهذا غير متوفر من طرف النظام الذي يؤمن بالحل العسكري فقط والدموي لأنه الوصفة التي تبقيه على قيد الحياة. وكذلك لابد من توافر إرادة دولية جادة وحاسمة للإتجاه نحو الحل السياسي وذلك غير متوفر من دول تدعم النظام وغير موجود أيضا من دول لها تأثير كبير ولها وزن وتستطيع الضغط من أجل الحل السياسي ولم يحدث هذا. وبالنسبة للجنة الدستورية فقد أنشأت منذ 8 أشهر وعقدت جلستين لكنها لم تصدر عنها أي نتائج، بسبب أن النظام يحاول التهرب من العملية السياسية والإصرار على مناقشة أمور وقضايا لا تتعلق بعمل اللجنة الدستورية ويرفض مقترحات المعارضة التي تتوافق مع آليات اللجنة الدستورية. وكان هناك محاولات جديدة لبدء عمل اللجنة الدستورية ووضع جدول أعمال لجولة ثالثة ووضع أسس إجرائية لها ولكن نتيجة أزمة كورونا توقف كل ذلك ولم يتم إقامة لقاء فيزيائي، وإذا زالت جائحة كورونا سيسعى المبعوث الدولي لعقد جولة جديدة.
ما رأيكم بالموقف الروسي من جديد هل تغيير موقفه من الأسد كما نرى في تسريبات إعلامية من هنا أو هناك؟
الدور الروسي دور مهم إلى جانب النظام وهذا الدور أدى إلى تماسك النظام عندما دخلت الطائرات الروسية إلى جانب قواته.ونحن كما الجميع شاهدنا نشر مقالات واستطلاعات رأي تظهر أنها ضد النظام والأسد ولكن بنفس الوقت نتيجة تجربة طويلة شاهدنا الدفاع الروسي عن النظام بمجلس الأمن ومشاركتهم بالحملات العسكرية للنظام. لذلك إن أرادت روسيا الحل السياسي فلها أوراق ضغط كبيرة على النظام وهي بحاجة أي روسيا لتغيير طريقة تفكيرها تجاه النظام والحل العسكري لا يؤدي لأي نتيجة ونحن نرى أن الحل لسوريا المستقبل هو بدستور جديد وهيئة حكم انتقالي ولم نرى جدية لا من المجتمع الدولي ولا من روسيا تجاه ذلك.