تلفزيون سويا ـ غسان ياسين
ترأس المعارض السوري هادي البحرة الائتلاف الوطني عام 2014، بعد انتخابه بأغلبية 62 صوتاً، خلفاً لأحمد الجربا، وبقي في المنصب حتى كانون الثاني 2015 حين رفض التقدّم لولاية ثانية من ستة أشهر، فانتخب خالد خوجة خلفاً له..واليوم يعود البحرة إلى رئاسة الائتلاف الوطني السوري، بعد انتخابه من الهيئتين الرئاسية والسياسية للائتلاف الوطني في مقره الائتلاف بإسطنبول، بعد يوم من انتهاء مشاورات امتدت لأيام مع الخارجية التركية.
موقع تلفزيون سوريا التقى البحرة وأجرى معه الحوار الآتي..
بعد عشر سنوات على رئاستك الأولى للائتلاف ما الذي تغير؟
دعنا نتكلم عن الثوابت والمتغيرات معا، أهم الثوابت هو استمرار السوريين بثورتهم ونضالهم حتى يومنا هذا، وأهم المتغيرات الإيحابية هو، اتساع مشاركة شرائح وأطياف وأهالي مناطق متعددة من السوريات والسوريين المطالبين بحل سياسي قائم على تنفيذ القرارات الدولية ولا سيما التنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم 2254، فهذا المطلب بات يحوز على توافق الغالبية العظمى من أطياف الشعب السوري كافة.
على الرغم من تقاعس المجتمع الدولي وفقدان حالة التوافق بين الدول في مجلس الامن، التي أدت الى عطالة دور الأمم المتحدة كجهة مناط بها تيسيرالعملية السياسية التفاوضية وصولًا لتنفيذ القرار 2254، وعلى الرغم من قيام بعض الدول بالدفع بمسارات أخرى باءت جميعها بالفشل، منها مسار ما يسمى “المصالحات والتسويات المحلية” وتفاهمات “خفض التصعيد” التي خفضت مستوى العنف والعمليات العسكرية، إلا أنها جميعا عجزت عن تحقيق الأمن والاستقرار القابلين للاستدامة، وفشلت في إيقاف انتهاكات حقوق الإنسان، وجرائم الحرب، كما عجزت عن إعادة تدوير عجلة الاقتصاد المحلي، وأدت الى تزايد عدد طالبي الهجرة واللجوء واستمرار نزيف الموارد البشرية والرأسمال الوطني الى خارج سوريا، وازداد تدهور الاقتصاد، وازدادت الاحتياجات الإنسانية بشكل مطرد، بينما انخفضت نسبة التزام الدول بالوفاء بتعهداتها، على الرغم من كل ذلك استمر شعبنا بثورته وإصراره على تحقيق تطلعاته نحو الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية، لتحقيق دولة المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، الدولة التي تصون كرامة مواطنيها وتكفل حرياتهم الفردية والجماعية، ويتم التداول على السلطة فيها سلميًا عبر صناديق الانتخابات.
أما المتغير الآخر على الصعيدين الدولي والإقليمي، تمثل في حدوث أزمات جديدة خلال فترة العشر سنوات الماضية ومنها اليمن، وأوكرانيا، والسودان، وغيرها، مما خفض من أولوية موقع سوريا على خارطة النزاعات والأزمات الدولية، أو ما تسميه الدول “الملف السوري” وحول سياساتها بخصوصه إلى سياسات “إدارة واحتواء”، عوضًا عن سياسات فاعلة باتجاه تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وأعود إلى الثابت الجَليّ، منذ فشل المبادرة العربية الأولى لإيجاد حل سياسي في العام 2011 وما تلاها من فشل للمبادرات الأخرى إلى يومنا هذا، وهو ان الطرف الوحيد الرافض والمعيق لكل الجهود الدولية والإقليمية والعربية التي بذلت لتحقيق الحل السياسي في سوريا هو النظام، بينما تشكلت حالة وطنية جامعة ترى أنه لا مخرج لسوريا من أكبر أزمة إنسانية ومصيرية عاشتها في تاريخها إلا عبر الحل السياسي الذي يؤدي إلى التنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم 2254.
شهدت عملية اختيار هيئة رئاسية جديدة للائتلاف هذه المرة صخباً كبيرا على عكس ماجرى في السنوات الأخيرة برأيك ماهو سبب هذا التجاذب والخلافات بين مكونات الائتلاف والتي خرجت للعلن بشكل فج؟لم يكن هناك خلاف بين كتل الائتلاف حول أي مواضيع وثوابت سياسية، وما أثير بينها لم يكن خارج المألوف عن أي حملة انتخابية سابقة، المختلف هذه المرة أنه كان هناك ادعاءات وتصريحات لعضوين من الائتلاف على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بوجود هذه الخلافات التي تفضلت بذكرها، وادعاء آخر من نفس المصدر بتصريحات مهينة وتهديدات صدرت من رئيس الحكومة المؤقته لأعضاء الائتلاف بخصوص الانتخابات الأخيرة، وكما تعلم فقد اتخذت الهيئة السياسية في الائتلاف قرارا بتشكيل لجنة تحقيق قانونية مستقلة ومحايدة للتحقيق بصحة ذلك الادعاء من عدمها، وبالتالي ومن الناحية القانونية لن أتوسع في إجابتي كون ذلك الادعاء بات بعهدة اللجنة، وننتظر انتهاءها من أعمالها وإصدار تقريرها الرسمي؟
ماهي الخطوات التي ستقومون بها لأجل تجاوز هذه الخلافات؟
كما ذكرت في إجابتي الأولى لا يوجد أي خلافات حول المواقف السياسية وثوابت الثورة بين أعضاء وكتل الائتلاف، وما كان من مواقف أو خلافات انتخابية للكتل وفق قوائم مرشحيها، كما تجري في أي فترات انتخابية لدى أي تنظيم سياسي آخر أو انتخابات برلمانية انتهى بنهاية الانتخابات، ونتطلع للعمل المشترك المنظم ضمن الائتلاف وبجهود أعضائه، للمضي بخطوات عملية نحو خدمة شعبنا داخل سوريا وخارجها، وتدعيم موارد وقدرات مؤسساته والمؤسسات والهيئات التي يشارك فيها لتمكينها من القيام بدورها في تنفيذ المهام التي شكلت من أجل القيام بها، خطة العمل التي وضعناها ستتطلب جهود أعضاء الائتلاف كافة، وجهود جميع القوى والأحزاب والتيارات السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والنقابات والقوى المجتمعية، وأصحاب القدرات التقنية والتكنوقراط، لا بد من الاستفادة من خبرات السوريات والسوريين، وتنسيق الجهود فيما بينهم، بخطة مشتركة نتقاسم أعبائها وتنفيذها لتصب نتائج عمل الجميع نحو تحقيق تطلعات شعبنا التي ثار من أجلها. كيف ستكون صيغة العلاقة بين الإئتلاف وهيئة التفاوض مع استمرار رئاستكم لوفد اللجنة الدستورية؟
ستكون علاقة الائتلاف مع هيئة التفاوض السورية، علاقة شراكة ودعم كامل لها، لتزويدها بعناصر القوة اللازمة لها على طاولة المفاوضات للوصول إلى تنفيذ كامل قرار مجلس الامن رقم 2254، وكما ذكرنا في الإجابات السابقة، فإن النظام كان ومازال الطرف السوري الوحيد المعيق للعملية السياسية، وإن أولوية الملف السياسي دوليًا وإقليميا وعربيا في ظل الازمات والصراعات الدولية والإقليمية الأخرى انخفضت وتغيرت سياسات الدول، من سياسات دور فاعل لايجاد حل وتنفيذ القرار 2254، غلى سياسات إدارة واحتواء.
نحن نؤمن أن السبيل الوحيد لتغيير تلك السياسات وتعديل أولويات الدول، لا يمكن إلا عبر تبديل الواقع السوري، بما يلزمها بتغير سياساتها نحو دور فاعل لتنفيذ القرارات الدولية ولاسيما القرار 2254، هذه أهم مهمة في خطة الائتلاف للفترة القادمة، مما يساعد هيئة التفاوض في جهودها لتفعيل عملية سياسية جادة للتنفيذ الكامل والصارم والملزم لقرار مجلس الأمن رقم 2254.
وبخصوص الشق الأخير من سؤالك بخصوص استمرار رئاستي للجنة الدستورية، في الفترة الماضية كنت عضوا في الهيئة السياسية في الائتلاف وكونه يتوجب على أعضائها القيام بمهام لقاء تفرغهم وحمل مسؤولية ملفات محددة، تكلفهم بها الهيئة السياسية أو رئاسة الائتلاف، كلفت بملفين هما تمثيل الائتلاف في هيئة التفاوض، كعضو من ثمانية أعضاء، والمهمة الأخرى هي تمثيل الائتلاف في صندوق إعادة إعمار سوريا، وضمن هيئة التفاوض حملت مهمة رئاسة اللجنة الدستورية من طرف الهيئة، كان هذا ممكنًا طالما بقيت في الائتلاف كعضو هيئة سياسية او هيئة عامة، وكنت أؤدي عملي بشكل كامل فيهما، مع العلم ان كلا المهمتين في صندوق الائتمان و في هيئة التفاوض كرئيس للجنة الدستورية لا يتقاضى عنهما شاغلهما أي مرتبات أو بدلات أو مكافآت أو تعويضات مادية من الصندوق ومن هيئة التفاوض.
لكن رئاسة الائتلاف تحتاج لساعات عمل أطول بكثير من المهام السابقة، بالتالي سيكلف الائتلاف أحد الأعضاء الآخرين من المؤهلين للقيام بتمثيله في صندوق الائتمان لاعادة اعمار سوريا، وبالنسبة للجنة الدستورية سنرشح أحد أعضاء الائتلاف لرئاسة اللجنة إلى هيئة التفاوض صاحبة القرار في اعتماد ترشيحه، خلال فترة قريبة.
هل من تغييرات قادمة في الحكومة المؤقتة وماهي خطتكم للشمال السوري؟
الشمال السوري هو اهم أولوياتنا، للنهوض به على كافة المجالات، لا بد من تعزيز قدرات الحكومة المؤقته ورفدها بالكوادر المؤهلة واللازمة لأعمالها، لتتمكن من تنفيذ مهامها، من ناحية تحسين أنظمة الحوكمة وتقديم الخدمات الأساسية، وبسط سيادة القانون، وتعزيز السلطة القضائية واستقلاليتها، وتحقيق الأمن للمواطنين وتعزيز القدرات الدفاعية وتسريع إنجاز مشروع الجيش الوطني، وتحقيق البيئة الآمنة والمستقرة اللازمة لجلب الاستثمارات الصناعية والزراعية والتجارية، لخلق فرص عمل وتحسين مستوى الدخل.
هذه خطة طموحة ويتطلب تنفيذها بشكل كامل تضافر جهود جميع الجهات السورية تنظيمات وأفراد من أصحاب الخبرات من الراغبين والراغبات بالعطاء والمساهمة بعملهم في تنفيذ تلك الخطة، التي سيتم التوصل إلى تنفيذها بشكل مرحلي، أي على عدة مراحل، نطمح لإعادة الأمل لدى أبناء وبنات شعبنا لتشجيعهم على البقاء في الوطن وإعطائهم خيارا في متناول أياديهم وإمكانياتهم كبديل عن الهجرة وطلب اللجوء، وهذا غير ممكن دون أن يزدهر الشمال السوري كما شرحنا سابقًا، مع العلم بأننا بدأنا مناقشة هذه الرؤية والإمكانيات اللازمة للبدء فيها مع عدة جهات سورية وإقليمية ودولية، بعض القضايا الخدمية الهامة التي سنوليها اهتماما في المرحلة القادمة هي بذل المساعي القصوى لايجاد ممولين لمشروع لحل مشكلة المياه في مدينة الباب، والثانية هي التوصل لآلية دولية وبرامج دعم للاعتراف بالشهادات الجامعية الصادرة من جامعة حلب في اعزاز، والثالثة بذل أقصى الجهود لإيجاد ممولين لدعم إنشاء مستشفى جامعي لكلية الطب لجامعة حلب، والرابعة إنشاء منطقة حرة صناعية وخدمية تتمتع بإعفاءات من الرسوم الجمركية في بعض الدول التي نتوصل لاتفاقات معها بهذا الخصوص مما سيشجع على الاستثمار داخل الشمال السوري ويخلق فرص العمل فيه.
هل ستوافقون على عقد مفاوضات اللجنة الدستورية خارج جنيف؟
مازال موقفنا في هيئة التفاوض هو أن المقر الأساس لعقد اجتماعات اللجنة الدستورية هو في جنيف، وبنفس الوقت أكدت الهيئة أن القضية الأهم هي الإنجاز، وبالتالي لا بد من تغيير منهجية النقاش، ولا بد من وجود جدول زمني لإنجاز اللجنة للمهام الموكلة بها ضمن إطار تفويضها.
هل من خطة لديكم لأجل تطوير عمل الائتلاف وماهي أبرز نقاطها؟
أفضل أن نبدأ عملنا أولا، لكي تعبر الأعمال بشكل أصدق عن خططنا، لكن بشكل مختصر، سيقوم الائتلاف بتوسيع علاقاته وتنظيمها مع بقية الأحزاب والتيارات السياسية، ومع منظمات وجمعيات المجتمع المدني، ومع النقابات والاتحادات، ومع الأكاديميين وذوي الخبرات، ومع رجال الأعمال، يجب أن تنظم هذه العلاقات بتنظيم شبكي متكامل بحيث تكون شبكات العمل هذه منتظمة في تواصلها وقابلة للاستدامة في أعمالها، وتكون هذه الشبكات خزان الموارد البشرية لتنفيذ مشاريع النهوض بالشمال، كما تتيح وضع الخطط المشتركة وتوزيع مهام تنفيذها وتنسيق الجهود وتكاملها، وتفرز منها ممثلين لها ضمن الائتلاف.
إعادة تنظيم عمل الائتلاف بشكل يمكنه أن يكون أكثر قدرة وفاعلية على خدمة شعبنا والدفاع عن حقوق السوريين وفق الأصول القانونية في دول اللجوء، هذا سيقتضي زيادة فاعلية عمل اللجنة السورية -التركية، وباقي اللجان المشابهة في الدول الأخرى، وبناء علاقات مع المنظمات الحقوقية ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان في دول اللجوء.
يحب أن يشعر السوريين والسوريات وبشكل ملموس في بلاد اللجوء أن الائتلاف يدافع عن حقوقهم ولا سيما في ظل تنامي خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام.
العنوان الأعرض هو تحقيق مبدء الشفافية في عمل الائتلاف، ومنهجية عمل تبنى على التشاركية لا على حصر الأنشطة والاعباء ضمن الائتلاف، بل على العكس سيكون الائتلاف الداعم لانشطة السوريين منظمات وتنظيمات وأحزاب وأكاديميين، والمنسق بينهم، وانفتاح الائتلاف على المجتمع السوري والاستفادة من إمكانيات الشباب وأصحاب الخبرات ووضع برامج تدريب على العمل السياسي والدبلوماسي للشابات والشباب من خريجي الجامعات.
ماهو برنامجكم السياسي خلال العامين القادمين؟
تغيير الواقع السوري داخل سوريا بما يؤدي لتغيير سياسات الدول اتجاه سوريا وضرورة تحقيق الحل السياسي وفق القرار 2254.
-الاستمرار بعملنا بالالتزام لتحقيق أهداف الثورة التي ضحى شعبنا من أجلها، بالسبل الممكنة كافة.
-استمرار جهودنا لتحسين وتوسيع علاقات الائتلاف مع الدول الشقيقة والصديقة.
-توسيع دوائر التواصل مع باقي الأطراف الدولية ولا سيما تلك الدول التي ستشغل مقاعد في مجلس الامن خلال الفترة القادمة.
والمنظمات ذات العلاقة بالأوضاع في سوريا،هل من شيء تريد قوله للسوريين؟بداية أقدم اعتذاري من شعبنا عن تقصيرنا في خدمتهم بالشكل الذي نطمح إليه ويستحقونه، وأعاهدهم على بذل أقصى الجهود للرقي بعمل الائتلاف بكل شفافية ممكنة، ومن أوائل اهتماماتنا تطوير وتخديم الشمال لتحقيق ازدهاره وتحويله الى نموذج لمدن وبلدات سوريا المستقبل، لكن ذلك مستحيل دون تعاون الجميع وتنسيق الجهود والأعباء فيما بينهم، ونبذ كل ما يفرقنا كشعب، ونكون سندًا بعضنا لبعض
. هناك من يسوق إشاعات وتحليلات عن حلول سياسية وتنازلات والكثير من الإشاعات الأخرى التي تستهدف زرع الشكوك بين أبناء الشعب الواحد وتفرقته وتفتيت جهوده، أؤكد لأبناء شعبنا أنه لا يوجد أي حلول تطبخ، ولا صفقات تبرم، وما زالت العملية السياسية في حالة السبات، ولم يعد بالإمكان انتظار تغير مواقف الدول، كون قناعتنا أن مواقفهم لن تتبدل إلا عبر تغيير الواقع السوري، ولن تنظر أي دولة لمصالحنا كشعب وتضعها قبل مصالحها، المواقف الدولية متباعدة، المواقف الإقليمية متباعدة، والمواقف الدولية – الإقليمية متباعدة أيضًا، ولا يوجد أي رؤى سياسية دولية أو إقليمية نحو الدفع نحو التنفيذ الالزامي للقرار2254.
علينا أن نبادر ونعمل بكل إخلاص لتغيير عناصر المعادلة والنهوض بالشمال. علينا بناء الجسور بين أبناء الشعب السوري من اقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، علينا إفشال سياسة النظام التي يتبعها والتي تتلخص بعبارة “فرق تسد”.