• الخميس , 28 مارس 2024

الشركات الأمنية الخاصة في سوريا: وكلاء جُدُد في خدمة النظام

منهل باريش تحرير: مايا صوّان

ملخّص تنفيذي وجد رجالات النظام السوري الأمنيون والعسكريون والسياسيون قرار الترخيص للشركات الأمنية الخاصة فرصةً استثماريةً جديدة، ومدخلاً إلى زيادة نفوذهم، وإيجاد موارد اقتصادية جديدة مغطّاة بشكل رسمي. وقد عكست تلك الشركات قوة الشبكات الزبائنية بين رجال الأعمال والمستثمرين، وبين القادة الأمنيين والعسكريين والسياسيين.جاء ظهور تلك الشركات ردَّ فعلٍ على الخلل الأمني في مرحلة ما بعد العام ٢٠١١، حيث عوّض نشاطها إلى حدّ كبير عن النقص في عديد الشرطة، وساهمت في توفير الحماية لرجال الأعمال ومنشآتهم. كذلك حدّت تلك الشركات من تزايد نسبة الجريمة، وعمليات الخطف والابتزاز التي تعرّض لها رجال الأعمال بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة.وقد ساعدت الشركات الأمنية أيضاً النظام السوري في الحفاظ على ولاء مقاتلي الميليشيات وأُسَر القتلى، من خلال تأمين فرص عملٍ لهم فيها بعد حلّ عددٍ كبيرٍ من الميليشيات، ناهيك عن فرص العمل التي أتاحتها لطلبة الجامعات من أبناء الطائفة العلوية في حمص ودمشق.مقدّمةأصدر بشار الأسد المرسوم ٥٥ للعام ٢٠١٣، مانحاً الترخيص لشركات خدمات الحماية والحراسة الخاصة، في خطوةٍ مفاجئةٍ من نظامٍ ديكتاتوري قمعيّ يعتبر قوة الدولة وسيطرة أجهزتها الأمنية جزءاً من تكوينه لا يمكن الاستغناء عنه.فتح المرسوم باب الأسئلة على مصراعيه حول توجّه النظام نحو خصخصة القطاع الأمني. فهل الخطوة هذه جزءٌ من سلسلة التنازلات التي يقدّمها النظام لروسيا وإيران على الصعيدَين الاقتصادي والعسكري؟ أم هي استجابةٌ للديناميّات الداخلية، مثل حماية رجال الأعمال السوريين المقرّبين من الدائرة الضيّقة للنظام، أو أولئك المحسوبين على روسيا أو إيران، في ظلّ عجز الأجهزة الأمنية عن توفير الحماية لهم؟ أم هل جاءت عملية الخصخصة تلك استجابةً لحاجة النظام إلى إعادة دمج بعض رجال الميليشيات المنحلّة؟تسعى هذه الورقة إلى الإجابة عن السؤال البحثي الرئيسي التالي: ما هو تأثير صعود الشركات الأمنية الخاصة على توازن القوى بين رجال الأعمال ورجال الأمن والسلطة السياسية في سوريا؟ كما تحاول الورقة تحليل صعود تلك الشركات، من خلال استعراض أبرز الشركات ومالكيها، ودورها وتبعيّتها، إضافةً إلى ظروف تأسيسها وأسبابه، والديناميّات المحلية الاقتصادية والأمنية التي دفعت إلى ولادتها في هذا التوقيت بالذات. استند البحث إلى مقابلات شخصية مع اقتصاديين ومقاتلي ميليشيات سابقين انتقلوا إلى العمل في الشركات الأمنية الخاصة، أو مع أشخاص مقرّبين من تلك الشركات. كذلك اعتمدت الدراسة على كمّ كبير من قرارات الترخيص الصادرة عن وزارة الداخلية، وتثبّتت من المالكين الحقيقيين لعددٍ من الشركات التي لا يُعرَف أصحابها. ورصد الكاتب عشرات الصفحات الشخصية للعاملين في تلك الشركات، وجَمَع مئات الصور من مختلف مواقع حراستها. وامتدّت فترة جمع البيانات تشرين الثاني ٢٠١٩ إلى حزيران ٢٠٢٠.الجزء الأول: الواقع الأمني والإطار القانوني للشركات الأمنية الخاصةمنعت الحكومة السورية الترخيص للشركات الأمنية على مختلف أنواعها منذ تأسيس الدولة السورية. فقد احتكر نظام حافظ الأسد القوة والأمن، وأبعد هذا الأخير حتى عن الوزارات المختصّة به، رابطاً إيّاه بشخصه، فيما ظلّت أجهزة الأمن السورية الجهة المسؤولة عن الحفاظ على أمن الدولة في فترة حكم الأسد طوال ثلاثين عاماً. وقد تخصّصت أجهزة الأمن كلٌّ منها بحسب الجهة المسؤول عنها، في حين بقيت وزارة الداخلية الجهة المسؤولة عن حماية المؤسسات الحكومية بقطاعاتها كافّة.في مطلع تسعينيات القرن الماضي، برز عددٌ قليلٌ من شركات “السلامة المهنية”، التي تولّت حماية المؤسسات التجارية والمنظمات الدولية، من خلال حراسة أبوابها من دون سلاح. ومع تسلّم بشار الأسد السلطة في العام ٢٠٠٠، ازدادت الحاجة إلى تلك الشركات في ظلّ بروز المنشآت الصناعية والتجارية الخاصة، وبدء الاستثمارات الأجنبية، وفتح السوق السورية. فازداد الطلب على حرّاس المباني والسفارات والمنظمات الدولية، ما دفع عدداً من شركات التوظيف، وشركات الخدمات، والشركات التجارية، نحو الاستثمار في القطاع الناشئ، نظراً إلى تمتّعها بخبرةٍ لا بأس بها في المجال. فتولّت مثلاً شركة ICC، المختصّة بالتوظيف، والتي تملكها وتديرها بانا زَكاري، تلبية السوق الداخلية، وتأمين الكفاءات للشركات الخاصة في سوريا، وتصدير العمالة إلى دول الخليج. وعلى النحو نفسه، استثمرت شركة CBS التجارية، التي تملكها آمال الشلاش، ويديرها محمد ديب، في قطاع الحراسة.[1] كذلك أسّس التاجر ماهر الدسوقي، المقرّب من رامي مخلوف، شركةً أمنيةً باسم “غروب ٤ سوريا” في العام ٢٠٠٥.لكن في غياب قانون ترخيص للشركات الأمنية الخاصة في سوريا، وقانونٍ واضحٍ يجيز تأسيس شركات الحراسة الخاصة، كانت الشركات تحصل على ترخيص من المحافظة ووزارة التجارة باعتبارها شركات تجارية، وعلى موافقة شعبة الأمن السياسي التابعة لوزارة الداخلية. أما عملها فاقتصر على حراسة مداخل المراكز التجارية والوكالات الأجنبية في الأحياء الأكثر ثراءً في دمشق.وصل عدد الشركات الأمنية إلى سبع شركات في دمشق، في أواخر العام ٢٠٠٧، وهي أسود إبلا، والذئب الأبيض، و”غروب ٤ سوريا”، والبجعة، وشركة CBS، والإمام للخدمات، وشركة جاد لخدمات السلامة، أقدم وأكبر شركة تُعنى بخدمات الحراسة والسلامة المهنية، إضافةً إلى شركتَين في حلب هما HCP وICCP.في العام ٢٠٠٨، ومع توسّع نطاق عمل شركات الحراسة، وازدياد أعداد عمّالها وأرباحها، ضيّقت إدارة مخابرات أمن الدولة عليها من خلال محاولة تقاسم الأرباح معها، حتى إنها عيّنت ضبّاطاً من إدارة المخابرات العامة (أمن الدولة) مندوبين دائمين في مكاتب إدارتها. وبعد أن حاول جهاز أمن الدولة توظيف شركات الحراسة للتجسّس لصالح النظام في السفارات والبعثات الدبلوماسية والدولية، عمدت تلك الشركات إلى الإغلاق والانسحاب من السوق. وقد توازى ذلك مع ولوج رامي مخلوف سوق الشركات الخاصة، حيث كان فعلياً وراء تأسيس شركة “غروب ٤ سوريا”.[2]في مرحلة ما بعد العام ٢٠١١، ومع اتّساع رقعة الحرب السورية، أدّت فوضى السلاح إلى انتشار عصابات الخطف والسلب والسرقة في مناطق سيطرة النظام. وانعدم الشعور بالأمن الشخصي، خصوصاً لدى الصناعيين، والتجّار، وأثرياء المدن، الذين أصبحوا عرضةً للخطف مقابل فدى مالية كبيرة. كذلك ضعفت قدرة وزارة الداخلية على ضبط الأمن، بعد أن أسفرت الحرب عن انشقاق أكثر من ١٥ ألف شرطي، من أصل ٥٣ ألفاً، من مختلف إدارات الوزارة، عدا الموظّفين المدنيين، علماً أن أبرز المنشقّين يتبعون لجهاز قوى الأمن الداخلي، الذي بلغ عديده ٤٣ ألف شرطي بحسب إحصاء العام ٢٠١١.[3] وبسبب انتفاضة أغلب محافظات الشمال والشرق ودرعا في وجه النظام، واعتكاف محافظة السويداء عن الالتحاق بالسلك الأمني والعسكري منذ العام ٢٠١١، لم تتمكّن الوزارة من سدّ النقص الكبير الذي شكّل ثلث تعداد ملاكها من المتطوّعين. إضافةً إلى ذلك، فضّل قسمٌ كبيرٌ من الموالين الالتحاق بالميليشيات على التطوّع في وزارة الداخلية، نظراً إلى ما تحقّقه الميليشيات للمنتسبين إليها من نفوذ ومردود ماليّ كبير، يتأتّى أساساً عن تعفيش المناطق التي يستعيد النظام السيطرة عليها.[4]الواقع أن هذا النقص في عديد عناصر قوى الأمن ولّد فوضى كبيرة، بالأخص في مدينتَي دمشق وحلب، حيث ارتفع معدّل الجريمة، ولا سيما جرائم الخطف مقابل فدى مالية،[5] التي ما كان من النظام إلا أن قرّر معاقبتها بالأشغال الشاقّة من عشر سنوات إلى عشرين سنة، بموجب القانون رقم ٢١ للعام ٢٠١٢.[6]عقب ذلك، أصدر بشار الأسد، في ٥ آب ٢٠١٣، المرسوم التشريعي ٥٥ تحت مسمّى “منح الترخيص لشركات خدمات الحماية والحراسة الخاصة”، على أن تكون تابعة لوزارة الداخلية، وتحت إشراف مكتب الأمن الوطني.[7] وقُسّمَت الشركات إلى فئات ثلاث، برأسمال تأسيسي يبدأ بمبلغ ٥٠ مليون ليرة سورية، وبناءً على الفئة، يُحدَّد عدد الحراس في الشركة: فئة أولى تضمّ ٨٠١ حارس وما فوق؛ وفئة ثانية من ٥٠١ إلى ٨٠٠ حارس؛ وفئة ثالثة من ٣٠٠ إلى ٥٠٠ حارس.وبما أن اختصاص إدارة الحماية والحراسة الخاصة في وزارة الداخلية يقتصر على حماية المؤسسات والبعثات الدبلوماسية،[8] أنشأت الوزارة فرعاً جديداً يشرف على عمل الشركات الخاصة، ويُعرَف بـ”فرع شركات الحماية والحراسة الخاصة”، فيما تولّت شعبة الأمن السياسي إعطاء الموافقات الأمنية للعاملين في شركات الحراسة.[9] وهذا يدلّ على زيادة تحكّم أجهزة أمن السلطة بكل شركة أمنية، وتدخّلها في توظيف كل عنصر من عناصرها. كذلك يتولّى مكتب الأمن القومي الإشراف على هذه الشركات، التي تحصل على السلاح عن طريق الاستيراد حصراً، بعد تقديم طلب لوزارة الداخلية، وأخذ موافقة وزارة الدفاع. ويحقّ لها استيراد أسلحة خفيفة، وفي الحدّ الأقصى أسلحة متوسّطة في حال كانت المنشآت نائية، وخارج المدن.[10]الواقع أن وضع النظام السوري عند صدور المرسوم ٥٥ لم يكن مشجّعاً على الاستثمار في القطاع الأمني، إذ كان النظام متراجعاً وفاقداً للسيطرة على مساحات شاسعة من البلاد. ففي أواخر العام ٢٠١٤، وعلى الرغم من مرور عام على المرسوم الذي أصدره الأسد، لم تسعَ سوى ثلاث شركات إلى الحصول على الترخيص.[11] ثم جاء العام ٢٠١٧ ليشكّل نقطة تحوّلٍ على صعيد انتشار الشركات الأمنية الخاصة في سوريا، إذ بلغ عدد شركات الحراسة الخاصة، وفقاً للّواء عصام أبو فخر، رئيس إدارة الحماية والحراسة في وزارة الداخلية، ١١ شركة في كانون الأول ٢٠١٧.[12] وأخذ هذا العدد في الارتفاع في العام ٢٠١٨، إلى أن بلغ ٧٥ شركةً مُرخَّصاً لها في العام ٢٠١٩،[13] بعد أن تشجّع بعض رجال الأعمال المقرّبين من النظام على الاستثمار في القطاع لثلاثة أسباب. السبب الأول هو تلمُّس النتائج السياسية للتدخّل الروسي بعد استعادة النظام السيطرة على حلب في كانون الأول ٢٠١٦، وإطلاق مسار أستانة بين روسيا وتركيا مطلع العام ٢٠١٧، وضمّ إيران إليه، والإعلان عن أربع مناطق خفض تصعيد. والسبب الثاني هو رغبة داعمي الشركات شبه العسكرية والميليشيات في قوننة عملهم في قطاع الترفيق،[14] خصوصاً بعد ظهور مشكلة شركات الترفيق إلى العلن في حلب، واحتجاج التجّار على فرض الإتاوات، والسلب والنهب.[15] أما السبب الثالث فهو ارتفاع معدّل جرائم القتل في العام ٢٠١٧ إلى ٥٧٠ جريمة، معظمها في دمشق وريفها الواقع تحت سيطرة النظام، ما أجبر رجال الأعمال على التوجّه نحو الحصول على تراخيص لشركاتٍ أمنيةٍ من أجل حماية أنفسهم.[16]الجزء الثاني: مُلكيّة الشركات الأمنية ومحسوبيّاتهاازداد عدد الشركات الأمنية الخاصة ازدياداً واضحاً في العامَين الأخيرَين، بعد أن برزت الحاجة إلى توسيع خريطة الانتشار الأمني نتيجة استعادة النظام السوري مساحاتٍ شاسعةً من البلاد، وبعد أن فرَضَ التحرّك على الطرق بين المحافظات اللجوءَ إلى شركات الترفيق والحماية. لكن على الرغم من العدد الكبير للشركات الأمنية المُرخَّص لها، والذي يقارب الـ٧٥ شركة،[17] لا يزال قسمٌ كبيرٌ منها غير معروف، يقتصر عملُه على المنشآت الخاصة لأصحاب الشركات، وحماية أُسَرهم من الخطف، وحماية منشآت أخرى لأعضاء مقرّبين في غرف الصناعة والتجارة. يصل هذا القسم إلى حوالى ٥٠ شركة، يندرج أغلبها في الفئة الثالثة، مع نحو ٣٠٠ حارس فقط، في حين لا يتجاوز عدد الشركات الكبرى التي تسيطر على سوق قطاع الحماية والحراسة الـ١٥ شركة.ولفهم دور الشركات وتبعيّتها، نقسّمها إلى خمس مجموعات رئيسية بحسب ملاكها ومديريها: أولاً، شركات تعود إلى رجال أعمال مستقلّين ابتعدوا عن السوق والمنافسة لصالح حماية أعمالهم المتعدّدة؛ ثانياً، شركات مقرّبةً من المخابرات العسكرية، وَرِثَت ميليشيات سابقة؛ ثالثاً، شركات مقرّبة من رامي مخلوف، بعضها يعمل عبر واجهات، وبعضها الآخر يتبع لرجال أعمال مقرّبين منه؛ رابعاً، شركات مقرّبة من إيران، تعمل لصالح مكتب أمن الفرقة الرابعة؛ خامساً، شركات روسية التبعية، تتولّى حماية حقول النفط والغاز والفوسفات التي ربحت استثمارها. لا بدّ من الإشارة إلى أن هذه المجموعات لا تشكّل تصنيفات جامدة، بل قد تتداخل في ما بينها كما سَيَرِد لاحقاً. الجدول ١: أبرز الشركات الأمنية الخاصة في سورياملاحظاتالتبعيةالمالك(حصّته من رأس المال عند التأسيس)تاريخ الترخيصاسم الشركة رامي مخلوفالمهندس حبيب خليفاوي جزايرلي (٢٠%)؛ وريمون عين الشايبة (٨٠ %)بدأت بالعمل في ٢٨ تشرين الأول ٢٠١٣حصلت على الترخيص في نيسان ٢٠١٤قاسيونللخدمات الأمنيةألغت وزارة الداخلية ترخيصها في ٢٩ تشرين الثاني ٢٠١٩ إيهاب مخلوفعمار محمد بن أحمد؛ وسميح عاقل بن علي (٠.١ %)١٥ كانون الثاني ٢٠١٤الحصن لخدمات الحراسة والحماية مستقلّةهاشم وعبد الكريم أنور العقاد (٢٥%)؛ وكمي رئيف هلال (٢٥%)؛ وعلاء رئيف هلال (٢٠%)؛ وحسام رئيف هلال (٥%) ١٢ كانون الأول ٢٠١٥المحترفون لخدمات الحراسة وأنظمة الحماية والمراقبة – بروجارد ماهر الأسدماهر الدسوقي (٤٠%)؛ و”غروب فور سيكيوريتي” (G٤S) ٢٠٠٥شروق للحماية والحراساتألغي ترخيصها في أيار ٢٠٢٠ مقرّبة من رامي مخلوفحيان بدر جريكوس؛ وريمون جرجس عين الشايبة٣ شباط ٢٠١٤فالكون للمنظومات والخدمات الأمنية محدودة المسؤولية أُطلِقَت تحت اسم “غروب ٤ سوريا” مقرّبة من ماهر الأسد وإيرانأحمد علي طاهر (٥٠%)؛ وأسامة حسن رمضان (٥٠%)١٠ تشرين الأول ٢٠١٧القلعة للحماية والحراسة والخدمات الأمنية محدودة المسؤولية روسيافواز ميخائيل جرجس ١٦ آذار ٢٠١٧صائدو داعشأُلغي ترخيصهافي ٢١ أيار ٢٠٢٠رامي مخلوففؤاد نزيه بوز (٣٥%)؛ ومازن عفيف الظريف_ (٦٥%)أيلول ٢٠١٧ألفا لخدمات الحراسة والحماية محدودة المسؤولية إيران، وشعبة المخابرات العسكريةأسامة المالكي (٧٥%)؛ وعامر المالكي (٢٥%) ١٩ تشرين الأول ٢٠١٧العرين لخدمات الحراسة روسيا، وشعبة المخابرات العسكرية أحمد خليل (٥٠%)؛ وناصر ديب (٥٠%)تشرين الثاني ٢٠١٧سند للحراسة والخدمات الأمنيةمقرّها اللاذقيةرأسمالها ٥٠ مليون ليرة سورية (ما يعادل عند الترخيص ١٤٥ ألف دولار)شعبة المخابرات العسكرية، وسامر فوزمحمد حماض (٨٠%)؛ ويوسف وفيق سليمان (٢٠%)كانون الأول ٢٠١٥الدرع للحراسات الأمنية إيران، والمخابرات العسكرية، والفرقة الرابعةمحمد براء؛ وحسام ومحمد آغا قاطرجي ٢ آب ٢٠١٦ أليب للاستشارات والحلول التقنية مقرّها حلبإيران، والمخابرات العسكرية، والفرقة الرابعةغياث محمد قاطرجي؛ وعبد الله محمد نزار قاطرجي١٥ آذار ٢٠١٧المهام للحماية والحراسة الخاصة شعبة المخابرات العسكرية، وإيرانلورانس مظهر حلاو (٥١ %)؛ وخالد أباظة (٤٩%) ٢٨ كانون الثاني ٢٠١٨ الفجر لخدمات الحراسة والحمايةالمصدر: بحث أجراه المؤلّف.شركات مستقلّةتُعّدّ الشركات المستقلّة الحلقة الأضعف بين مجموعات الشركات الأمنية الخاصة، نظراً إلى أنها تتطلّب تجديداً سنويّاً من وزارة الداخلية، وموافقة شعبة الأمن السياسي لعمل كلّ عنصرٍ من عناصرها، وهم في غالبيّتهم من المقاتلين السابقين في الميليشيات العسكرية الرديفة للنظام، والمُعترَف بولائهم له. ويبقى الهدف الرئيسي لمالكي هذه الشركات من رجال الأعمال ضمان أمنهم، وحماية مصالحهم الاقتصادية، في ظلّ فوضى السلاح.من الصعوبة بمكانٍ طبعاً الحديث عن استقلاليةٍ لدى الشركات في سوريا، ذلك أن معظم رجال الأعمال السوريين تربطهم، بشكلٍ أو بآخر، علاقات بالمؤسستَين الأمنية والسياسية، لكن ثمة هامشٌ من الاستقلالية لرجال الأعمال التقليديين البعيدين عن السياسة المباشرة، والذين لم يتورّطوا في تمويل ميليشيات شبه عسكرية. من بين هؤلاء رجل الأعمال مازن حمّور، مالك مجموعة حمّور المتخصّصة في مجال النفط والغاز والطاقة والسياحة، الذي حصل على الترخيص لشركة الوطنية لخدمات الحراسة والحماية، وله نصف ملكيّتها.[18]لقد سعى تجّارٌ وصناعيون صغار إلى تأسيس شركات صغيرة من الفئة الثالثة بحثاً عن الفرص في بعض المحافظات. لا تُعَدّ هذه الشركات وريثة الميليشيات الكبرى، إلا أن بعض أفرادها من الميليشيات المحلية، مثل شركة الوفا للحراسة الأمنية في دير الزور، وشركة الأصيل لخدمات الحراسة في حمص،[19] وشركة التمساح للحماية والحراسات الأمنية.[20]أما إحدى أبرز الشركات المستقلّة فهي شركة المحترفون لخدمات الحراسة وأنظمة الحماية والمراقبة – بروجارد، التي تفرّعت من شركة المجموعة العربية للمعارض، بعد أن حصلت هذه الأخيرة على موافقة وزارة الاقتصاد، في أواخر حزيران ٢٠١١، على توسيع أعمالها التي تشمل حراسة المعارض الخاصة والعامة. وُلِدَت الشركة من خلال تطوّر العلاقة بين شركة عقاد وشركة العربية للمعارض، وتأسّست برأسمالٍ قدره ٥ ملايين ليرة سورية (يعادل عند الترخيص ١٠٤ آلاف دولار).[21]اتّجهت الشركة إلى التخصّص في أعمال المراقبة والحراسة، وأسّست في نيسان ٢٠١٢ شركةً مستقلّةً هي المحترفون لخدمات وأنظمة الحماية والمراقبة المحدودة المسؤولية، بترخيصٍ من وزارة الاقتصاد والتجارة، ومحافظة دمشق، وبرأسمالٍ قدره ١٠ ملايين ليرة سورية.[22] وقد ساهم في تأسيسها الأخوان هاشم وعبد الكريم أنور العقاد، والأخوة علاء وحسام وكمي، أبناء رئيف هلال.بعد ذلك، حصلت الشركة، التي يتولّى إدارتها المهندس علاء رئيف هلال، على ترخيصٍ رسمي من وزارة الداخلية، في ١٢ كانون الأول ٢٠١٥، وأُضيف إلى اسمها اختصاصُ الحراسة ليصبح شركة المحترفون لخدمات الحراسة وأنظمة الحماية والمراقبة – بروجارد. ثم أُحدِثَت شركةٌ ثالثةٌ متخصّصةٌ بالاتصالات والبرمجيات، باسم شركة المتحرفون لخدمات وتقنيات الاتصالات (Protech Group)، يديرها كمي رئيف هلال.[23]يُعَدّ هاشم العقاد واحداً من أبرز الصناعيين السوريين التقليديين،[24] وشخصيةً مقرّبةً من الجهاز الأمني في سوريا، ويُرجَّح أنه الرجل القوي خلف شركة المحترفون – بروجارد. كان العقاد عضواً في مجلس الشعب عن محافظة دمشق من الدور التشريعي السادس للعام ١٩٩٤، حتى العام ٢٠٠٢.[25] في أواخر تموز ٢٠١٤، فرض الاتحاد الأوروبي عقوباتٍ على ٩ كيانات و٣ شخصيات سورية من بينها العقاد، وذلك بسبب دعمه السلطات السورية خلال سنوات الحرب. وقد جاء في قرار العقوبات، أن للعقاد أنشطةً ومصالح في قطاعات متعدّدة من الاقتصاد السوري، وتأثيراً كبيراً في “مجموعة أبناء أنور العقاد وشركتها المتحدة للنفط”.[26]وبينما لم تفرض الولايات المتحدة أيّ عقوبات عليه، بالرغم من قربه من السلطات السورية، فرضت وزارة المالية السورية، في ٢٨ شباط ٢٠٢٠، حجزاً احتياطياً على أمواله لمخالفته أحكام الاستيراد، بتهريبه بضاعةً تجاوزت قيمتها الخمسة مليارات ليرة، وهو إجراءٌ استخدمته السلطات ضدّ العديد من حيتان المال المقرّبين منها. فضلاً عن ذلك، كان العقاد صندوق بريدٍ بين واشنطن وآصف شوكت وفقاً لوثيقةٍ نشرها موقع ويكيليكس.تجدر الإشارة إلى أن الشركة مقرّبةٌ من روسيا، حيث بَنَت علاقاتٍ جيدةً مع المستثمرين الروس عبر تأسيس الشركة الروسية العربية للسياحة والخدمات السياحية، التي يملك نصف حصّتها المستثمر الروسي ستانيسلاف غوفوروشكين، والنصف الآخر، بنسبة ٢٥ في المئة، ميرنا هلال وكمي رئيف هلال،[27] اللذين يبدو أن لوالدهما أساساً روابط روسية قديمة. شركات وَرِثَت الميليشياتتضمّ المجموعة الثانية من الشركات الأمنية تلك التي وَرِثَت الميليشيات الموالية بعد قرار حلّها بضغط روسي في العام ٢٠١٧، وأبرزها العرين لخدمات الحراسة، والدرع للحراسات الأمنية، والفجر لخدمات الحراسة والحماية. يتركّز نشاط هذه الشركات بشكل رئيسي في دمشق وحلب، ومعابر دير الزور، وبين مدن حلب وحماة وحمص ودمشق، ومن مينائَي اللاذقية وطرطوس، وصولاً إلى المدن الرئيسية أيضاً، ومن معبر القائم الحدودي مع العراق، وصولاً إلى دمشق وحلب. كما سبق أن نشطت بين المعابر الداخلية في إدلب وحلب قبل إغلاقها عقب سيطرة النظام على المنطقة مطلع العام ٢٠٢٠.تأسّست شركة العرين لخدمات الحراسة في دمشق، في ١٩ تشرين الأول ٢٠١٧،[28] ويملكها ويديرها الأخوان أسامة وعامر المالكي المقرّبان من إيران.[29] تعمل الشركة في مجال حماية المنشآت الخاصة والمصارف، والترفيق بين دمشق والمناطق الشرقية وحلب. وتُعتبَر العرين للحراسة التحوّل الجديد لميليشيا سرايا العرين ٣١٣ التابعة للمخابرات العسكرية، ذلك أن نصف موظّفيها من المقاتلين السابقين في الميليشيا، ولا سيما في ريف حمص الشرقي والقلمون. بعد حلّ معظم الميليشيات برغبةٍ روسيةٍ، وضمّها إلى الفيلق الخامس في العام ٢٠١٨، توزّع عناصرها على شركة العرين وقوات سند الأمن العسكري.[30] وتعمل العرين على حماية بعض المنشآت في مدينة دمشق، مثل المركز التجاري “قاسيون مول” لمالكه وسيم قطان، المُدرَج على لوائح العقوبات الأوروبية في شباط ٢٠٢٠. وعلى الرغم من ترويج الشركة الكبير لعملها، تتجنّب ذكر أسماء عملائها على فايسبوك، ناهيك عن أنها تمتلك موقعاً إلكترونياً متوقّفاً عن العمل.ومن أبرز الشركات في هذا التصنيف أيضاً شركة الدرع للحراسات الأمنية، التي حصلت على موافقة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك باسم شركة “الدرع للحراسات الأمنية” محدودة المسؤولية. وأسّس الشركة كلٌّ من محمد حمّاض، المموّل المُعلَن لميليشيا درع الأمن العسكري في الساحل السوري، ويوسف وفيق سليمان،[31] وتُعَدّ تحوّلاً لميليشيا درع الأمن العسكري التي شكّلها وموّلها حمّاض. هذا الأخير هو ابن العميد مصطفى حمّاض، ضابط المخابرات النافذ في ثمانينيات القرن الماضي.[32] ويثير حمّاض الجدل بسبب حجم ملكيّته، حيث يرى متابعون أنه لا يملك ثروةً تمكّنه من الإنفاق على ميليشيا كبيرة مثل درع الأمن العسكري، وأن عديله (زوج أخت زوجته) السابق سامر فوز هو المموّل الحقيقي للميليشيا.[33] جديرٌ ذكره أن محمد علي سلهب،[34] الملقّب “أبو علي سلهب”، وبديع سعيد، المُلقَّب “أبو إسماعيل”، كانا أيضاً من القادة العسكريين لهذه الميليشيا. أما شريك حمّاض، يوسف وفيق سليمان، فيتزعّم في الأساس فريقاً من الشبيحة يُعرَف بـ”الدفاع المدني”.[35] هذا وتشير وثائق وزارة الداخلية التي اطّلع عليها الكاتب، إلى نقل حصّة سليمان إلى شريكةٍ جديدةٍ هي نهلة طرابيشي. ومع الضغط الروسي لحلّ الميليشيات في العام ٢٠١٨، تحوّل قسمٌ كبيرٌ من عناصرها إلى الدفاع الوطني، فيما انتقل عناصر منطقة القلمون إلى قوات سند الأمن العسكري الناشئة والمدعومة من روسيا. لكن أحوال محمد حمّاض ساءت بسبب تراجع علاقته بفوز، وإن حافظ على علاقةٍ جيدةٍ بالنظام والقيادة الروسية في منطقة الساحل السوري.أما شركة الفجر لخدمات الحراسة والحماية، فتأسّست في ٢٨ كانون الثاني ٢٠١٨،[36]ويملكها خالد وليد أباظة،[37] ويديرها لورانس مظهر حلاو.[38] نشطت الشركة في مدينة حلب بشكل لافت، إضافةً إلى دمشق، وهي تقوم أيضاً بترفيق البضائع التجارية بين المحافظات، وتتنافس مع شركة القلعة على التواجد في معبر نصيب الحدودي مع الأردن. وأباظة هو ابن اللواء وليد أباظة،[39] أسّس ميليشيا الدفاع الوطني في القنيطرة في العام ٢٠١٢، التي تحوّلت إلى فوج الجولان التابع للقصر الجمهوري منذ العام ٢٠١٤. ولا يزال أباظة قائد الفوج شبه العسكري على الرغم من تولّيه منصب أمين فرع حزب البعث في محافظة القنيطرة منذ العام ٢٠١٧.[40] ينتمي أباظة إلى عائلة شركسية موالية للقصر الجمهوري، إذ تربطها علاقةٌ تاريخيةٌ بحافظ وبشار الأسد، حيث اعتمد بشار على والد أباظة المتقاعد لقمع الاحتجاجات، وتأسيس ميليشيا شركسية في العام ٢٠١٣. كما إن والدة أباظة، جانسيت قازان، عضو في مجلس الشعب عن محافظة القنيطرة.[41] أما المالك الآخر لشركة الفجر فهو من قرية عين النسر الشركسية في شرق حمص، وغير معروف سابقاً على الإطلاق في الأوساط الاقتصادية.يُذكَر أن أغلب عناصر شركة الفجر في المنطقة الجنوبية ومعبر نصيب من مقاتلي ميليشيا أباظة في منطقة الجولان، علماً أن الشركة تضمّ مقاتلين شركس من حمص، فيما يشكّل شركس بلدة خناصر أغلب عامليها في مدينة حلب، بما أن البلدة تتبع إدارياً لمحافظة حلب. واللافت أن ترخيص الشركة حصل بعد تعيين خالد أباظة أميناً لفرع حزب البعث في القنيطرة.شركات مقرّبة من رامي مخلوفكان رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، يملك بشكل مباشر أو غير مباشر مجموعةً من الشركات الأمنية الناشطة في مناطق الساحل وحمص ودمشق، ومنها قاسيون للخدمات الأمنية، والحصن لخدمات الحراسة، وألفا لخدمات الحراسة والحماية، وفالكون للمنظومات والخدمات الأمنية.حصلت شركة قاسيون للخدمات الأمنية على أول رخصةٍ لشركةٍ أمنيةٍ في ٢٨ تشرين الأول ٢٠١٣، بموجب مرسوم الشركات الخاصة، وفقاً لموقع الاقتصادي،[42] في حين تذكر مواقع محلية أن الشركة حصلت على الترخيص في وقت لاحق من نيسان ٢٠١٤.[43] هذا التضارب يشي بأن الشركة حصلت على الإذن بالعمل قبل إطلاق وزارة الداخلية لائحة التعليمات التنفيذية، ومن دون تسمية مالكها، ليتبيّن في نيسان ٢٠١٤ أن مديرها العام والشريك في التأسيس هو المهندس حبيب خليفاوي جزايرلي، غير المعروف في وسط رجال الأعمال. أما الشريك الآخر فهو عضو المجلس القومي للحزب السوري الاجتماعي، ريمون عين الشايبة،[44] المقرّب من رامي مخلوف. كان أحد أهداف الشركة حماية أنابيب النفط وتجهيزاتها في حمص ودير الزور، وقد حصلت في كانون الثاني ٢٠١٨ على إذنٍ بترفيق البضائع والمشتقّات النفطية القادمة من دير الزور والحسكة.[45]في كانون الثاني ٢٠١٤، تأسّست شركة الحصن لخدمات الحراسة والحماية، لمالكَيها عمار محمد وسميح عاقل، في مدينة جرمانا، في ريف دمشق.[46] وحصلت على ترخيص الفئة الأولى أي لما يزيد عن ٨٠١ حارس،[47] وهو رقمٌ كبيرٌ لشركة أمنية محدثة. واللافت أن عاقل يمتلك حصّة قدرها سهم واحد في الشركة، بما يعادل ٥٠ ألف ليرة سورية.[48] وعاقل شريك مؤسّس في شركة بيشاور للاستثمار، المُؤسّسة في العام ٢٠١٥،[49] والتي يملك إيهاب مخلوف، شقيق رامي مخلوف، ٩٩.٨ في المئة من أسهمها،[50] وسميح عاقل ٠.١ في المئة فقط.[51] وتملك بيشاور ٤٠ في المئة من شركة المدينة للتطوير العقاري التي أسّسها رامي مخلوف في أيلول ٢٠١٧.[52] لم تكن شركة الحصن إذاً سوى واجهة لرامي مخلوف وأخيه إيهاب. لكن مع بدء الخلاف بين مخلوف وعائلة الأسد في العام ٢٠١٩، والضغط على مخلوف، ألغت وزارة الداخلية ترخيص شركة الحصن في ٢٩ تشرين الثاني ٢٠١٩، حيث غاب في قرار الإلغاء اسم سميع عاقل من بين مالكيها، وذُكِر شخصٌ باسم عمار أحمد محمد، وآخر غير معروف يُدعى كامل مرهج.[53]في ٣ شباط ٢٠١٤، رُخّص لشركة فالكون للمنظومات والخدمات الأمنية محدودة المسؤولية، وهي من أولى الشركات الأمنية التي حصلت على ترخيص مبكر بعد التعليمات التنفيذية التي أصدرتها وزارة الداخلية. والشركة مملوكة من حيان بدر جريكوس، وريمون جرجس عين الشايبة، الشريك المؤسّس في شركة قاسيون للخدمات الأمنية، المقرّب من رامي مخلوف. يدلّ الترخيص القانوني للشركتَين إلى أن عين الشايبة حصل على ترخيص فالكون قبل الترخيص الرسمي لقاسيون بنحو شهرين. كما إن الشركة تُعلِن على موقعها الرسمي على الإنترنت أن من بين عملائها شركات سيريتيل، وأجنحة الشام، و”ميلك مان”، وهي مرتبطة برامي مخلوف أو مملوكة منه.[54]بيد أن فالكون تغيب عن منصّات التواصل الاجتماعي، ليقتصر وجودها على صفحةٍ على الفايسبوك باسم “فالكون خدمات حراسة”، حيث يُذكَر أنها تأسّست في ٣٠ كانون الثاني ٢٠١٩، وحيث نشرت إعلانَين لوظائف في تموز ٢٠١٩. يدير الشركة بلال النعال، وهو عضو في مجلس محافظة دمشق، وعُيّن عضو مجلس إدارة في شركة دمشق القابضة للعام ٢٠١٦.[55] والنعال مقرّب من بشر الصبان، محافظ دمشق السابق، وشريك لقائد الدفاع الوطني في دمشق، فادي صقر، الأمر الذي يفسّر وجود معظم عناصر الدفاع الوطني أو المقرّبين منهم في الشركة. وقد جدّدت وزارة الداخلية الترخيص لشركة فالكون في ٧ كانون الثاني ٢٠٢٠، لمدّة سنة كاملة تنتهي في ٤ كانون الثاني ٢٠٢١، علماً أن قرار الترخيص يؤكّد أن الشركة مملوكة من جريكوس وعيت الشايبة.[56] مع ذلك، لم تمرّ خمسة أشهر على تجديد الترخيص حتى أصدر وزير التجارة الداخلية قراراً بشطب السجل التجاري العائد إليها،[57] في قرارٍ جاء مترافقاً مع أزمة رامي مخلوف مع النظام، وقرار الحجز على أمواله في أيار ٢٠٢٠.[58]في مطلع العام ٢٠١٧، بدأت شركة ألفا لخدمات الحراسة والحماية نشاطها، وفي حزيران ٢٠١٧، حصلت على قرار موافقة وزارة الاقتصاد.[59] في أيلول ٢٠١٧، وافقت وزارة الداخلية على الترخيص للشركة، التي يملكها فؤاد نزيه بوز ومازن عفيف الظريف، وكلاهما مقرّب من إيهاب مخلوف. وصَنَّف القرار فئة الترخيص بالفئة الثالثة، أي لما بين ٣٠٠ و٥٠٠ حارس،[60] فيما حُدّد مقرّ الشركة في مدينة جرمانا، في محافظة ريف دمشق. إلا أن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، طلال البرازي، شطب السجل التجاري العائد لشركة ألفا للحماية والحراسة والأنظمة الأمنية محدودة المسؤولية في ٢١ أيار ٢٠٢٠، من دون إيضاح الأسباب،[61] وذلك بالتزامن مع قرار شطب شركة فالكون المقرّبة من رامي مخلوف، ما يعزّز فرضية تبعيّتها لمخلوف.تشي طريقة التضييق على رامي مخلوف بين صيف العام ٢٠١٩ وأيار ٢٠٢٠، بأن النظام قادرٌ على حلّ تلك الشركات والاستغناء عنها متى أراد، ومن دون ترك آثار عليه. فهو قادرٌ على مصادرتها أو شطب تراخيصها، ومعاقبة مالكيها، مع الحفاظ في الوقت نفسه على وظائف أفرادها، وعدم إثارة نقمتهم. لقد ترافق التضييق على رامي مخلوف، في أواخر العام ٢٠١٩، مع حلّ قوات البستان، أشهر ميليشياته، وإلغاء رخصة شركة الحصن التي يملكها أخوه إيهاب. كما أُصدِر قرارٌ بحلّ الحزب القومي السوري الاجتماعي – الأمانة العامة، الذي يرأسه الياس شاهين، وتهيمن عليه عائلة مخلوف، وذلك بسبب تسلّم عددٍ من أعضائه مناصب قيادية في جمعية البستان، في جناحَيها الخيري والعسكري. ومع ظهور مسألة مخلوف إلى العلن، والحجز على أمواله، ووضع شركة سيريتيل تحت الحراسة القضائية في أيار ٢٠٢٠، ألغت حكومة النظام ترخيص شركتَي ألفا وفالكون، صارفةً النظر عن شركة قاسيون، أقدم الشركات التابعة لرامي مخلوف، والتي يملك معظم أسهمها ريمون عين الشايبة، واجهة مخلوف. يبدو أن المشكلة هي مع الفرع الذي حلّه النظام بقدر ما هي مع مخلوف، إذ يُرجَّح أن النظام فضّل عدم المسّ بأشخاصٍ مقرّبين من جميع فروع الحزب القومي السوري الاجتماعي، وإحداث شرخٍ كبيرٍ معه، نظراً إلى أن مواقف الحزب الأمّ في بيروت داعمةٌ للنظام سياسياً وعكسرياً.[62] كما يمكن أن يُفسَّر إلغاء تراخيص الشركات الأمنية التابعة لمخلوف في سياق إنهاء مراكز القوة شبه العسكرية، منعاً لأيّ ردّ فعلٍ من جانب مخلوف مع زيادة الضغط عليه.شركات تعمل لصالح أمن الفرقة الرابعةإضافةً إلى ما سبق، تعمل مجموعةٌ من الشركات الأخرى لصالح مكتب أمن الفرقة الرابعة، حيث تقوم مهمّتها على إيجاد فرص عملٍ للمقاتلين السابقين في الميليشيات، وأُسَر قتلى الجيش والميليشيات من أبناء الطائفة العلوية، خصوصاً في حمص وضواحي مدينة دمشق، وعدم التخلّي عنهم بعد تطوّعهم لحماية المكتب، وذلك حفاظاً على الرابط الاجتماعي داخل الطائفة. تسيطر تلك الشركات على غالبية السوق، وتتولّى بشكلٍ خاص حماية المنظمات الدولية، والبنوك، والسفارات، والبعثات الدبلوماسية، إضافةً إلى مهام الترفيق بين المعابر والمدن الرئيسية.تُمثّل شركة شروق للحماية والحراسة، التي عُرِفَت بدايةً باسم شروق للخدمات والسلامة المهنية، واحدةً من أقدم الشركات السورية التي عملت باكراً في قطاع الحراسة والحماية تحت عنوان السلامة المهنية. مديرها التنفيذي هو خلدون العظمة،[63] ومديرها العام وائل محمد الحو،[64] عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، المقرّب من رجل الأعمال محمد حمشو، رجل ماهر الأسد وواجهته الاقتصادية. والحو خرّيج جامعات روسية، تربطه علاقةٌ تجاريةٌ وثيقةٌ بالروس، وهو وكيل شركة SLS لأنظمة الحماية العالمية الروسية في الشرق الأوسط. فضلاً عن ذلك، تُعَدّ شروق واحدةً من أكبر شركات الحماية من ناحية العملاء وعدد الموظّفين، حيث بلغ تعداد العاملين فيها ١٤٠٠ موظّف في صيف العام ٢٠١٨،[65] ثم ارتفع إلى ٣ آلاف في العام ٢٠١٩. لكن العدد يمكن أن يُقدَّر بضعف هذا الرقم، نظراً إلى توسّع مناطق عمل الشركة، والازدياد الكبير في عدد عملائها. تولّت الشركة مهمّة حماية معرض دمشق الدولي مجاناً في دورته للعام ٢٠١٨، علماً أن عملها بدأ تحت إشراف ضبّاطٍ من أمن الدولة، أصبحوا مدراء قطاعاتٍ فيها بعد تقاعدهم، مثل العميد جمال حبيب، والعميد راغب حمدون،[66] والعميد غياث أنيس، والعميد محمد ياسين ياسمين.[67]تتميّز شركة شروق بأنها إحدى أكثر شركات الأمن الخاص حرفيةً ومهارةً، حيث تنشر معلوماتٍ وفيرةً حول أنشطتها على مواقع التواصل الاجتماعي، تتضمّن الإعلان عن عملاء جدد، أو طلبات التوظيف وشروطها. إلا أن الشركة تمتنع عن نشر تفاصيل إضافية حول اسم مالكها أو المساهمين فيها، في حين تعلن اسم مديرها العام، ومديرها التنفيذي، ومدير العمليات،[68] وأسماء قادة القطاعات في دمشق، وحمص، واللاذقية، وحلب، والحسكة. وقد حصلت الشركة على شهادة الجودة السويسرية في كانون الثاني ٢٠٢٠، في محاولةٍ منها لتكريس سمعتها بوصفها شركةً أمنيةً تلتزم بالمعايير الدولية.[69]تمتلك شروق موقعاً إلكترونياً باللغة الإنكليزية فقط، وهو أمرٌ مثير للاهتمام باعتبار أن غالبية زبائنها من الناطقين بالعربية. اللافت أيضاً أن الموقع غير مربوط بصفحة الفايسبوك، ولا يوجد أيّ رابطٍ عليه يؤدّي إلى منصات التواصل الاجتماعي، في حين أن الرابط الوحيد بين شروق والشركة البريطانية العالمية “غروب فور سيكيوريتي” (G4S) هو الشعار فقط. هذا ويكشف الموقع الإلكتروني للشركة على صفحته الرئيسية أن “شروق للخدمات الأمنية” ((Group 4 واحدٌ من أكبر مزوّدي الخدمات الأمنية في سوريا، وأنها أُطلِقَت بشكلٍ رئيسي في العام ٢٠٠٥ تحت اسم شركة “غروب ٤ سوريا” محدودة المسؤولة (Group 4 Syria Limited Liability Company)، ومذّاك التاريخ أصبحت واحدةً من الشركات الرائدة في خدمات السلامة والأمن في أنحاء سوريا كافّة.[70] وهذه المعلومات تتطابق مع تقرير شركة “غروب فور سيكيوريتي” العالمية للعامَين ٢٠١٨ و٢٠١٩، الذي يذكر شركة “غروب ٤ سوريا” محدودة المسؤولية كأحد فروعها في العالم، والذي تملك فيه الشركة البريطانية حصّة قدرها ٢٩ في المئة.[71]ويُعَدّ رجل الأعمال ماهر الدسوقي شريكاً مؤسّساً وواجهةً لـ”غروب ٤ سوريا”، في حين يبقى الشريك الثالث، الذي يملك ٣٠ في المئة من الأسهم، بعيداً عن الواجهة ومجهولاً. والدسوقي هو عضو مساهم في شركة شام القابضة، ومقرّب من رجل الأعمال البارز نادر قلعي، الموضوع على قوائم عقوبات الاتحاد الأوروبي. يملك الدسوقي أيضاً مجموعة الدسوقي، التي انقسمت إلى ثلاثة أقسام في العام ٢٠١٢، أحدها “غروب ٤ سوريا”، التي كانت تعمل تحت اسمٍ آخر هو دلتا لأنظمة الحماية.[72]واللافت أن ماهر الأسد تفرّد بالشراكة مع “غروب فور سيكيوريتي”، عملاق الشركات الأمنية في العالم، عبر مجموعة الدسوقي، في خطوةٍ تُعَدّ من أبرز المحرّمات لدى نظامٍ بوليسي لاحَقَ معارضيه وسجَنَهم بتهمة التواصل مع الخارج طوال خمسين عاماً. ناهيك عن ذلك، استمرّت الشركة في العمل على الرغم من مخالفتها المرسوم ٥٥ للعام ٢٠١٣، الذي يحظّر عليها أن تكون فرعاً لشركةٍ عربيةٍ أو أجنبية، أو أن تتعامل مع شركات خارج القطر.إضافةً إلى ذلك، يذكر التقرير السنوي للشركة العالمية للعام ٢٠٠٥، أن سوريا من بين الدول التي تعمل فيها،[73] وهو إعلان شركة شروق نفسه على موقعها الإلكتروني.[74] ويذكر المدير الإداري والمالي للشركة، خلدون العظمة، على حسابه على موقع “ليكند إن” أنه كان مديراً مالياً لشركة “غروب ٤ سوريا” محدودة المسؤولية، بين أيلول ٢٠٠٦ ونيسان ٢٠٠٨،[75] وهو إقرارٌ من الجانب السوري بأن شركة شروق مُرخَّصٌ لها بصفتها فرعاً من شركة “غروب فور سيكيوريتي” العالمية، مع أن مديرها، آشلي ألمانزا، قال إنها تجنّبت العمل في سوريا.[76]أما أهمّ الشركات الأمنية على الإطلاق، فهي شركة القلعة للحماية والحراسة والخدمات الأمنية،[77] نظراً إلى أنها الذراع المباشرة للفرقة الرابعة. حصلت الشركة على ترخيص من وزارة الداخلية بوصفها شركة أمنية خاصة من الفئة الأولى، في ١٠ تشرين الأول ٢٠١٧.[78] يديرها أحمد على طاهر،[79] شقيق التاجر السوري خضر طاهر، المعروف باسم “أبو علي خضر”، والذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارتها.[80] ويعود نصف الأسهم الآخر إلى شخصٍ غير معروفٍ ليس له أيّ حضور تجاري، هو أسامة حسن رمضان،[81] الذي يُعَدّ مقرّباً من “أبو علي خضر”. باستثناء المُلكية القانونية للشركة، لا يوجد أيّ نشاط للرجلَين على المستويات الإدارية أو المالية، أو على مستوى العمليات فيها. ومع أن المُلكية الرسمية تعود إليهما معاً، ينشر الموقع الرسمي للشركة لقاءً صحافياً مع المدير العام في ٨ آذار ٢٠١٨، يُذكَر فيه أن صاحبها هو خضر الطاهر، “أبو علي خضر”.[82]جدير ذكره أن مدير عام الشركة في بداية نشاطها كان ضابطاً سابقاً في الأمن الجنائي التابع لوزارة الداخلية، يُدعى أسعد وردة، إلى أن عُيّن مكانه محمد ديركي في العام ٢٠١٨، ولكن الأخير بقي واجهةً إعلامية. بيد أن المدير الفعلي للشركة والمسؤول الأمني فيها هو المهندس إيهاب الراعي، أخو زوجة خضر الطاهر، الذي أصبح والده محمد صالح الراعي، بفضل الشراكة المالية والنفوذ الكبير، عضواً في مجلس الشعب عن محافظة حمص، بعد ملء مقعدٍ شاغرٍ في أيلول ٢٠١٨.[83] هذا ويدير فرع الشركة في حلب قصي أحمد.[84]بدأت القلعة نشاطها بحماية الحجّاج الشيعة، وهي تُصنَّف من أهمّ الشركات السورية العاملة في مجال تنسيق السياحة الدينية، حيث عملت منذ العام ٢٠١٣ على مرافقة الزوّار الشيعة من مطار دمشق إلى المراكز الدينية.[85] يتجلّى نشاط الشركة بوضوح في منطقة السيدة رقية، في دمشق القديمة، حيث تمتلك مقرّاً ثابتاً لها، وفي منطقة السيدة زينب جنوب دمشق،[86] وفي بعض المصارف المهمّة، والشركات الخاصة. تُعَدّ شركة القلعة أيضاً أكثر الشركات فعاليةً من حيث المال والسلاح والعناصر، إذ إن معظم عناصرها كانوا متطوّعين في الفرقة الرابعة. استهلّت الشركة عملها الفعلي في العام ٢٠١٣،[87] بشراكةٍ بين الطاهر ورجال أعمال عراقيين، حيث اشترى الطاهر حصّة الشركاء العراقيين، فتحوّلت بذلك إلى شركة سورية. وقد برزت شركة القلعة إلى العلن باسم الشركة الوطنية للحماية والحراسة، تحت إدارة محمد ديركي، الذي لا يزال يشغل هذا المنصب.[88] ويتطابق ذلك مع الاسم القديم للشركة على صفحتها على الفايسبوك، ثم تغيّر الاسم مع الترخيص الرسمي.تسيطر القلعة على معابر التهريب مع لبنان والعراق، كما تسيطر إلى جانب الفرقة الرابعة على المعابر الواقعة بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية. كذلك تتحكّم الشركة بترفيق بضائع الترانزيت القادمة من تركيا عبر معبر عون الدادات، أو معابر شمال غرب سوريا، في قلعة المضيق، ومورك، وأبو دالي، والعيس، والمنصورة. وتسيطر القلعة أيضاً على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، حيث تفرض على العابرين رسوم غير قانونية، وعلى التجار مبالغ ماليةً بداعي ترفيق القوافل التجارية، وتأمين سلامتها. فضلاً عن ذلك، تشرف الشركة على تأمين مرور البضائع التجارية من مرفأ طرطوس إلى كلّ من دمشق وحمص وحلب، علماً أن عناصرها يحملون بطاقةً باسم مكتب أمن الفرقة الرابعة، التي يرأسها اللواء ماهر الأسد، تُسهّل تنقّلاتهم عبر الحواجز الأمنية والعسكرية.في ٢٧ تشرين الأول ٢٠١٩، وسّعت الشركة نشاطها ليطال ريف دمشق، بموجب قرار وزارة الداخلية.[89] وهي تعلن صراحةً، عبر مكتبها الإعلامي، أنها تسعى إلى تأمين فرص عملٍ للشباب، والحدّ من البطالة، ولا سيما لدى ذوي الشهداء،[90] الأمر الذي يفسّر وجود العدد الكبير من العناصر السابقين في الدفاع الوطني ضمن موظّفيها.في أواخر العام ٢٠١٨، ازدادت شكاوى التجّار والصناعيين الحلبيين من شركة القلعة، وما تفرضه من إتاوات على المعامل والقوافل التجارية، حتى أدّى تضييقُها الكبير على التجّار إلى خروج الخلاف إلى العلن. ففي برنامج تلفزيوني على قناة الإخبارية السورية، في ٢٤ شباط ٢٠١٩، وصف رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية، فارس الشهابي، صاحبَ شركة القلعة بأنه واحدٌ من رجال مافيات الحرب في سوريا،[91] قائلاً إن المواد المُهرَّبة تدخل من تركيا عبر معابر غير منضبطة، يديرها لصوص ورؤوس كبيرة معروفة من الدولة السورية. ولفت إلى أن “أبو علي خضر” هو من بين هؤلاء، واتّهمه بفرض إتاوات على المصانع، وإلحاق الضرر بصناعة البلاستيك في حلب وأصحابها، واصفاً إيّاه باللص والمهرّب والمجرم السابق. وذكر الشهابي أن مثل هؤلاء أصبحت لديهم ميليشيات لا تقوى الضابطة الجمركية على مواجهتها.[92] أتى هجوم الشهابي مدعوماً بقرارٍ من وزير الداخلية، اللواء محمد خالد رحمون، يمنع التعامل مع خضر الطاهر واستقباله والاتصال به، لكن الوزير ما لبث أن تراجع عن القرار بعد أسبوعَين. شكّل ذلك تحدّياً كبيراً لهذا الوزير، الضابط في جهاز المخابرات الجوية، والرئيس السابق لإدارة الأمن السياسي، الذي يُعَدّ أبرز وزراء النظام.[93] وعكس هذا التحدّي مدى الدعم والرعاية اللذين يحظى بهما الطاهر من الفرقة الرابعة، ومكتبها الأمني، وعلاقته الوطيدة برئيسه.[94] وهكذا، مع نجاح الطاهر في تحدّي وزير الداخلية، كُرّس بوصفه جزءاً من الشبكة الاقتصادية لماهر الأسد، وأخذ الجميع يتجنّبه.تتبع للفرقة الرابعة أيضاً شركتا المهام للحماية والحراسة الخاصة، وأليب للحلول والدراسات الأمنية، اللتان يملكهما آل القاطرجي. وقد رُخّص لشركة المهام، ومقرّها مدينة حلب، في ١٥ آذار ٢٠١٧.[95] والشركة جزءٌ من مجموعة قاطرجي، عملت بوصفها مجموعة مهام خاصة تابعة للمخابرات العسكرية، ويملكها مناصفةً غياث بن محمد قاطرجي وعبد الله بن محمد نزار قاطرجي.[96] تعمل الشركة، التي كان لها نشاطٌ في دير الزور أيضاً،[97] في مجال تقديم خدمات حماية المنشآت وحراستها، وحراسة الممتلكات والوثائق والأفراد، ونقل الأموال والمجوهرات والمعادن الثمينة،[98] إضافةً إلى نشاطها في مجال حماية وحراسة قوافل الغاز والنفط والقمح والشعير القادمة من شرق الفرات.أما شركة أليب للاستشارات والحلول التقنية، فحصلت على الترخيص في ٢ آب ٢٠١٦، وهي جزءٌ من مجموعة القاطرجي الدولية، التي يملكها الأخوة قاطرجي، ويرأس مجلس إدارتها حسام قاطرجي، والتي عملت كشركةٍ أمنيةٍ في وقت لاحق غير محدّد التاريخ، بهدف قوننة عمل ميليشيا “قوات القاطرجي”. وقد تولّت هذه الأخيرة، إضافةً إلى قتالها إلى جانب الفرقة الرابعة في المعارك ضدّ داعش في شرق سوريا، وضدّ فصائل المعارضة في حلب وإدلب، حراسةَ بعض حقول الغاز، ومرافقة صهاريج النفط من مناطق داعش سابقاً، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية حالياً، إلى مناطق سيطرة النظام. ويُعَدّ الأخوة قاطرجي واجهةً من واجهات الفرقة الرابعة الاقتصادية.شركات مقرّبة من روسياتنظر روسيا إلى وجودها العسكري في سوريا على أنه أولويةٌ قصوى، محاولةً إعادة بنائه وبناء المنظومة الأمنية السورية بشكلٍ يحدّ من النفوذ الإيراني المتّسع. فهي سَعَت لهذه الغاية إلى تأسيس قوات عسكرية رسمية تتبع للجيش السوري، مثل الفيلق الخامس والفرقة ٢٥، في خطوةٍ تصبّ في إطار هيكلة قوات النمر، وجعلها أكثر تنظيماً. أما مجموعة الشركات الأمنية التابعة لروسيا فتختلف في طبيعتها من حيث التدريب والمهمة، إذ إنها أقرب للقوات الخاصة وقوات النخبة من القوات العادية، وتشرف عليها شركة “فاغنر”، وتدرّب عناصرها، وتشاركها في الأعمال القتالية. تقوم مهمّة هذه الشركات على حفظ الموارد والمنشآت التي حصلت عليها موسكو من نظام الأسد، في حين لا تتولّى أيّ مهام حراسة وحماية خارج نطاق المصالح الروسية، فتبقى بذلك خارج إطار المنافسة على مهام باقي الشركات الأمنية الخاصة.تُعَدّ هذه المجموعة من الشركات الأقلّ عدداً وانتشاراً، حيث تضمّ شركتَين فقط، هما “صائدو داعش”، وسند للحراسة والخدمات الأمنية. تعمل الشركتان في مناطق الاستثمارات الروسية في البادية السورية ودير الزور، بغية حماية حقول النفط والغاز والفوسفات من هجمات داعش هناك.تأسّست شركة “صائدو داعش” بدعم روسي كامل مالياً وعسكرياً، في بلدة السقيلبية في ريف حماة الشمالي، وقد حصلت على ترخيص تجاري من مديرية التجارة الداخلية في حماة، في ١٦ آذار ٢٠١٧، تحت اسم شركة الصياد لخدمات الحراسة والحماية محدودة المسؤولية. يملكها ثلاثة شركاء هم أديب أمين توما، ويسار حسين إبراهيم، وفواز ميخائيل جرجس، الذي عُيّن مديراً لها. والأخير هو طبيب ومدرّس في جامعة تشرين، مقرّب من الروس، زوجته روسية، ونجله حائزٌ على وسامٍ من الرئيس الروسي في العام ٢٠١٨.[99]تعمل الشركة منذ تأسيسها باسم “صائدو داعش” تحت إشرافٍ كاملٍ من شركة “فاغنر”، التي أنشأت لها معسكر تدريبٍ في ريف حماة، وشاركت معها في معارك ريف حماة الشرقي ضدّ داعش. وفي صيف العام ٢٠١٧، برزت الشركة في مجال حماية حقول النفط والغاز غرب تدمر، والفوسفات في حقل خنيفيس، وحماية المستودعات الرئيسية قرب مطار تياس المعروف أيضاً بـ”مطار تيفور” (T4). هذا وكان لـ”صائدي داعش” دورٌ كبيرٌ في السيطرة على مدينة تدمر، كما أوكِلَت إليها حماية طريق تدمر حمص في تلك الفترة.[100]في خريف العام ٢٠١٧، بدأت محاولات “فاغنر” ومعها شركة “صائدو داعش” التقدّم إلى حقول النفط على الضفة الشرقية لنهر الفرات، حيث سيطرت الشركة على الجزر الصغيرة في نهر الفرات، وأَسَرَت ٢٥٠ عنصراً من داعش. لكن الطيران الأميركي قتل، في ٧ شباط ٢٠١٨، نحو ٢٥٠ عنصراً من ميليشيا “فاغنر” و”صائدي داعش”، ومقاتلين من جيش النظام والقوات الرديفة له، من بينهم حوالى ٢٠ قتيلاً من “صائدي داعش”.ومع أن آخر مشاركة عسكرية ميدانية لـ”صائدي داعش” في الغوطة، كانت في نيسان ٢٠١٨، لا تزال الميليشيا مستمرّةً بصفتها شركة حراسة أمنية، وقد نقلت مقارّها الرئيسية إلى مناطق البادية، حيث تتولّى حراسة الاستثمارات الروسية في حقول النفط والغاز. ويدير “صائدي داعش” منذ العام ٢٠١٩ المهندس عهد ميخائيل الوكيل، المقرّب للغاية من روسيا.[101]أما الشركة الأمنية الثانية التي أسّسها الروس في سوريا، في ٢٢ تشرين الأول ٢٠١٧، فهي شركة سند للحراسة والخدمات الأمنية.[102] حصلت الشركة على قرار الترخيص من وزارة التجارة الداخلية بعد شهر على تأسيسها[103] بشراكةٍ بين أحمد خليل وناصر ديب. ويبدو أن الرجلين مغمورَين، لم يُسجَّل لهما نشاط تجاري لافت، بل وُلِد اسمُهما في السوق التجارية بعد الترخيص للشركة، لتبيّن لاحقاً أن ناصر ديب هو أحد شركاء خضر طاهر، “أبو علي خضر”، ومجرّد مشغّل أموالٍ لديه. تجدر الإشارة إلى أن الرجلَين أسّسا أيضاً شركة “السورية للمعادن والاستثمار” في ٢٠١٨، ومقرّها دمشق.[104] والواقع أن سند بقيت حبراً على ورق، على الرغم من الترخيص لها، ولم تسجّل نشاطاً يُذكَر حتى بدء النشاط الروسي الاقتصادي في استخراج الفوسفات والنفط والغاز، في ريف حمص الشرقي، وريفَي الرقّة ودير الزور.دمجت روسيا الشركة الوليدة مع ميليشيا قوات سند الأمن العسكري، التي سبق أن نصّبت العميد رسلان إسبر قائداً لها، وهو ضابط علوي يتحدّر من قرية جنينية رسلان شرق محافظة طرطوس. وتشير الصور التي ينشرها عناصر قوات سند الأمن العسكري، إلى تواجدهم في منطقةٍ شبه صحراوية متنوّعة بالقرب من معمل الفوسفات في خنيفيس وتدمر، والطريق الواصل بين تدمر ودير الزور. هذا وتعتقد مصادر صحافية أن نقاط تواجد قوات سند تقع في منطقة حميمة بين بادية حمص ودير الزور، ومحيط حقل التيم في بادية دير الزور الجنوبية، وبادية منطقة الشولا، وفيضة ابن موينع، ومحطة الضخّ النفطية الثانية (T2)، ومنطقة أخضر مي في بادية الميادين.[105]خاتمةجاء بروز الشركات الأمنية الخاصة كحاجة ملحّة لسدّ كلّ من الفراغ الأمني الكبير الذي ولّدته الحرب السورية، والنقص في أعداد عناصر الشرطة المدنية، ناهيك عن أن تلك الشركات أتاحت الفرصة لاستيعاب عشرات آلاف المقاتلين المُسرَّحين من الميليشيات الرديفة للنظام، التي أخذ في تفكيكها تباعاً، وآخرين من أُسَر قتلى الميليشيات وجرحاها.تشير أنماط المُلكية، وشكل العلاقة بين رجال الأعمال والأمن، إلى أن الشركات الأمنية الفاعلة تتركّز في يد النظام إلى حدّ كبير، وهو شريكٌ فيها عبر شراكاتٍ مع رجال أعمالٍ بنوا شراكات مع الأجهزة الأمنية، أو رجال أعمالٍ صاعدين جمعتهم علاقة زبائنية برامي مخلوف أو ماهر الأسد. وعليه، لا تشكّل تلك الشركات أيّ تهديد للنظام السياسي، خصوصاً أنها تحتاج إلى تجديدٍ سنويّ من وزارة الداخلية، ما يجعلها عملياً ممسوكةً وتحت السيطرة، في حين يحصل عناصرها، في الوقت نفسه، على موافقة أمنية، ويبقى ولاؤهم غير مشكوك فيه مطلقاً. والأجهزة الأمنية هي مَن يتحكّم بتلك الشركات من الناحية القانونية، حيث يمكنها أن تشطب ترخيص أيّ منها في حال وُجِد ما يمكن أن يهدّد بنية النظام، كما جرى مع الشركات المقرّبة من رامي مخلوف في الشهور الأخيرة. إضافةً الى ذلك، يتحكّم قادة الصف الأول لدى النظام، العسكريون والأمنيون منهم، بتلك الشركات من خلال حصصهم فيها، وتعيين الموالين لهم في ملاكها.بيد أن هذه الشركات الأمنية، وإن كانت لا تنافس النظام السياسي على سلطته، تتنافس في ما بينها تحت سلطته، كما تنافست مثلاً شركتا الحصن للترفيق والنور التجارية، وشركات أخرى كان مُرخّصاً لها كجمعيات خيرية، مثل جمعية البستان، مع مديرية الجمارك على مهمة حماية عمليات الترفيق وتأمينها. هذا وتوجّهت جماعاتٌ عسكريةٌ أخرى، في العام ٢٠١٣، نحو العمل في الترفيق، مثل قوات القاطرجي الرديفة للجيش السوري، وقوات الدفاع الوطني. أما تأثير الدور الروسي في هذا المجال فيبقى ضعيفاً للغاية، ويقتصر على أعدادٍ صغيرةٍ من الشركات المنتشرة في مناطق الموارد النفطية والغازية، في مناطق البادية ودير الزور، حيث تتولّى حماية المصالح الاقتصادية الروسية.تضطّلع شركات الأمن الخاص بدورٍ اقتصادي أيضاً بالنسبة إلى النظام، إذ تساهم مساهمةً لا بأس بها في إدخال النقد الأجنبي إلى البلاد، على اعتبار أن معظم عقود الشركات الأمنية والعملاء الدوليين هي بالدولار، في حين تُصرَف رواتب العاملين وعناصر الحراسة بالليرة السورية. كذلك تشكّل الشركات الخاصة باباً من أبواب التهرّب من العقوبات، بما أن مُلكيّتها تعود إلى واجهات زبائنية تتبع لأفرادٍ على لوائح العقوبات الأميركية والأوروبية، وتحصل على عقود من وكالات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، مثل شركة شروق التي تعمل مع معظم وكالات الأمم المتحدة في دمشق، وشركة قاسيون التي حصلت في العام ٢٠١٧على عقدٍ بقيمة ١٠٥٠٤٣ دولار من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).[106]وعلى الرغم من إجراءات الترخيص الرسمي التي يتعيّن على تلك الشركات الالتزام بها، يبدو أن قسماً صغيراً منها فقط يكشف عن حقيقة أعماله، ويُطلِع وزارتَي الداخلية والتجارة الداخلية على العقود المُبرَمة. ففي أواخر العام ٢٠١٧، وعلى الرغم من منح الترخيص لـ١١ شركة، اطّلعت الوزارة على ٧٥ عقد عمل بين الشركات والعملاء،[107] وهو رقمٌ صغيرٌ للغاية مقارنةً بحجم أعمال الشركات الأمنية، حيث تقرّ شركة شروق وحدها بوجود ٣ آلاف حارس لديها. وهذا الأمر إنّما يدلّ على مدى تهرّب تلك الشركات، وعجز الوزارتَين عن متابعة غالبيّتها بسبب ارتباطها إما بالفرقة الرابعة أو رامي مخلوف، وإما بالمخابرات العسكرية.

مقالات ذات صلة

USA